أناجيل مار عبديشوع الصوباوي الْمُسَجَّعَة

لتحميل الملف بصيفة بي دي أف، يرجى الضغط على الرابط التالي:

https://bethkokheh.assyrianchurch.org/wp-content/uploads/2016/07/16-06-30.pdf

 

 

16-06-30

المدرسة الآشورية في إستراليا فكرة وإجتماع، فجهود وإصرار، ثم إنجازات عظيمة – أبرم شابيرا

 المدرسة الآشورية في إستراليا فكرة وإجتماع… فجهود وإصرار… ثم إنجازات عظيمة

=======================================
أبرم شبيرا

كلمة لا بد منها:
———-

كلما أقرأ خبراً عن المدرسة الآشورية في أستراليا وما لحقها من أنجازات أخرى في تأسيس الكلية الآشورية ومدرسة تعليم اللغة الآشورية وغيرها من المؤسسات الإنسانية والإجتماعية، أنبهرُ كثيراً لا بل أستغرب من هذه الإنجازات الإستثنانية لمجتمعنا في بلد المهجر أستراليا، فتقفز إلى رأسي أفكار وتصورات عن هذا الحدث العظيم الذي يستحق كل التقدير والتثمين والشكر والإمتنان للقائمين على شؤونها، فلا أجد سبيلا لهذا إلا كتابة بعض السطور عنها لكي أبينها كنموذج  لبقية مجتمعاتنا في بلدان المهجر الأخرى يحتدى بها للتحرك نحو أنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل زوال هذه اللغة نهائيا من ألسنة أطفالنا في مجتمعات الضياع والإنصهار. والأغرب من كل هذا وذاك الذي يمتزج بنوع من الأمتعاض هو أن هذا الحدث العظيم في الحفاظ على لغتنا القومية في المهجر، رغم سعة إنتشار أخباره خاصة من خلال الموقع الألكتروني لإخبار كنيسة المشرق الآشورية ورغم أهميته العظيمة إلا أنه لم يهز ضمائر وقلوب وأقلام مثقفي وكتاب أمتنا لا بل وحتى أحزابنا السياسية وتنظيماتنا القومية التي تغني ليل نهار بضرورة الحفاظ على لغتنا القومية، ولم تتحرك ببنت شفة لكتابة بعض سطور التثمين والتقدير والتقييم وحتى النقد. لا لوم عليهم “الله يساعدهم” فشغلهم الشاغل هو التناطح والإنتقادات والتهجم بعضهم على البعض خاصة وأحزابنا السياسية مشغولة جداً باللهوث وراء الكراسي والمناصب فلا وقت لهم للإهتمام باللغة القومية وبتدريسها لأن عند البعض هي لغة لا توكل الخبر. هذا الأمر يذكرني باللغوي المشهور والمؤرخ الكبير المرحوم الشماس كوركيس بنيامين أشيتا طيب الله ذكراه، عندما قال، وهو يحاضر في النادي الثقافي الآشوري في بغداد في بداية السبعينيات من القرن الماضي عن اللغة القومية الآشورية: البعض يقول بأن تعلم اللغة الآشورية لا توكل الخبر… ثم أردف غاضباً ومنفعلاً وقال صارخاً: (خيلا كيبا دبستا)

أي بما معنا (أكل حصى بستا – وهو نوع من الحصى الصلد الذي يتراكم بجوانب الأنهر- كما أعتقد)

فكرة وإجتماع :
———-

كل عمل عظيم أو إنجاز كبير لا يبدأ إلا بفكرة أولية قد تكون بسيطة في بدايتها، لا بل قد تبدو في أحيان أخرى ساذجة ومستحيلة ولكن عندما يسندها إيمان راسخ وإرادة قوية وتصميم جدي ويؤازرها دعماً جماعيا فالإحتمال كبير جداً أن تتحول هذه الفكرة البسيطة إلى عمل مثمر ويحقق إنجازات ربما قد تكون غير متوقعة في بداية الفكرة. هكذا فيما يخص تأسيس المدرسة الآشورية في أستراليا. فقد كانت مجردة فكرة بسيطة ولكن بطموح كبير وإيمان قوي، فكرة راودت نيافة الأسقف مار ميلس زيا، حاليا مطرابوليت كنيسة المشرق الآشورية والوكيل البطريركي لأبرشيات أستراليا ونيوزلنده ولبنان، وشغلت باله وأحتلت قمة إهتماماته. فخلال حديث غبطته أثناء الإحتفال باليوم العالمي للغة الأم في شهر شباط الماضي 2016 ذكر “أنه خلال فترة 30 عاماً التي تواجد فيها خارج العراق فإن المؤشرات كانت تشير دوماً إلى أنه هناك تباعدا للشباب عن العمل القومي والإجتماعي وقلة تفاعلهم بسبب ضعف روابط الصلة بينهم وبين الأمة لفقدان عامل اللغة الذي يشكل أهم عامل في المحافظة على الأصالة والتواصل معها”. هذه كانت  فكرة عكست الواقع الصعب لأبناء أمتنا في أستراليا والذي كان يهدد وجودهم القومي بفقدان لغتهم القومية وتناقص أو إضمحلال الشعور القومي والإنتماء الحقيقي لهذه الأمة خاصة بالنسبة للأجيال الجديدة والأطفال. وفي حينها أدرك غبطة المطرابوليت بأن مثل هذه الفكرة العظيمة يستوجبها مساندة جماعية من أبناء الأمة ومنظماتهم في أستراليا مدركاً بأن اليد الواحدة لا تستطيع التصفيق وأسماع الصوت لهم ، فما كان من غبطته إلا أن يلجاً إلى أبناء أمته لمناقشة الفكرة وتحقيقها على أرض الواقع.

في عام 1995، وأعتقد كان في بدايته، عقد غبطته إجتماع مع بعض المؤسسات والأحزاب الآشورية في أستراليا وكانت أجندة الإجتماع عن مدى إمكانية تأسيس مدرسة آشورية خاصة في أستراليا. وفي حينها نشر خبر هذا الإجتماع في صحيفة “الآشوري التقدمي” التي كان يصدرها حزب بيت نهرين الديموقراطي – العراق في إستراليا وتحت عنوان ” خطوة في طريق الصواب” فأثار موضوع الإجتماع وهدفه النبيل إهتمامي الكبير وحفزني لأبني بعض التصورات والأفكار عن النظرة المستقبلية والنتائج الإستراتيجية لوجودنا القومي في المهجر متخذا من بادرة تأسيس المدرسة الآشورية حالة للدارسة فكتبت موضوعاً تحت عنوان “أفاق إستراتيجية للوجود القومي الآشوري في المهجر” ونشر في حينها في عدد شباط 1995 من الصحيفة أعلاه ومن ثم نشرتهَ مع بعد التعديلات والإضافات في كتابي المعنون: الآشوريون في السياسية والتاريخ المعاصر الذي أصدره إتحاد الأندية الآشورية في السويد عام 1997 . وفي حينها أخذتُ فكرة تأسيس المدرسة الآشورية بنوع من الجدية لكونها بدأت بداية صحيحة وعلى طريق الصواب، ومن خطى ومشى على الطريق الصواب لا بد أن يصل إلى نهايتها ويحقق الأهدف فيما إذا أسندت بجهود إستثنانية وأستمدت عوامل نجاحها من الإيمان والإصرار والإرادة القوية. فمنذ الوهلى الأولى، وكأنسان قومي مهتم بهذه المسائل، أدركت ومن دون عناء وعسر الأهداف النبيلة للفكرة وأبعادها الإستراتيجية القومية التي تخدم أبناء أمتنا في بلدان المهجر لهذا أندفعت لأكتب بما يجود كوامني الغائرة من أفكار وطروحات عسى أن نساهم من موقعنا في أبراز المعالم العظيمة لهذه الفكرة وأهميتها في إستمرار وتواصل الوجود القومي الآشوري المتميز في بلدان المهجر. وهذه السطور ما هي إلا أمتداد لفترة تزيد عن عقدين من الزمن واكبت منذ بدايتها حتى هذا اليوم كل ما تحقق من إنجازات كبيرة على هذا المستوى، خاصة بعد أن تبرعمت الفكرة والإجتماع وجني ثمارها وتجسدت في المدرسة الآشورية وكلية مار نرسي  وغيرهما من المؤسسات التي تديرها كنيسة المشرق الآشورية في أستراليا.

جهود وإصرار… ثم إنجازات عظيمة:
——————–

نظرة بسيطة ولكن ثاقبة إلى واقعنا القومي سوف نستدل منها بأن للكثير من أبناء أمتنا أفكار خلاقة ومبدعة ولكن مما يؤسف له بأنها في معظمها تكون عاجزة عن إختراق حدود الفكرة ومن ثم العمل لأنزالها إلى الواقع العملي وتطبيقها وبالتالي تتطاير في الهواء وتختفي. من المؤكد الكثير من قراءنا الأعزاء يدركون عندما تكون المسائل القومية حديث يجمع أثنين أو أكثر من أبناء أمتنا ويشحن حديثهم بالحماس والإنفعال، خاصة عندما يكون “الكأس” وقودا لهذا الحماس، تصبح مسألة تحرير آشور وإعادة بناء الإمبراطورية الآشورية قاب قوسين. ولكن ما أن ينتهي لقاءهم بالوداع حتى تتطاير كل الأفكار من رأسهم وكأن شيئاً لم يكن. لقد شبهت هذا الأمر في السابق في كون لأمتنا هيئة تشريعة قوية ولكن لا تمتلك هيئة تنفيذية. كم من الأفكار المبدعة والطروحات المفيدة لهذه الأمة عرضت ونوقشت ولكن لم تنال حقها من العمل والتنفيذ… لماذا؟؟ لأن لو تفحصنا في كوامنها لنجد بأنها تفتقر إلى مبادرات في بذل الجهود المدفوعة بالإصرار والإرادة القوية والإيمان بالفكرة وإمكانية تحقيقها ومن دون إحباط أو تردد أو تراجع من أول عثرة. والمدرسة الآشورية في إستراليا وما لحقها من إنجازات أخرى مثال في هذا السياق. فمن المؤكد عندما بادر غبطة المطرابوليت مار ميلس زيا عام 1995 بفكرة تأسيس المدرسة كان يتصور الكثير بأنها فكرة صعبة التحقيق أن لم نقل خيالية ومستحيلة خاصة في مجتمعات كمجتمعنا في المهجر حيث الإستقرار غير مضمون والتكامل مع ظروف المهجر ضعيف وصعب التحقيق والموارد المالية والمعيشية ضئيلة والوقت في معظمه مخصص للهوث الفرد وراء المتطلبات المعيشية الصعبة، هذا ناهيك عن الموارد المالية الضخمة التي يتطلبها تأسيس مدرسة خاصة في مجتمع يكون الغلاء سيد الموقف مضافاً إليه ضعف دخل الفرد الذي يتحكم في قراراته الخاصة والعامة. غير أنه يظهر في يومنا هذا، بأن الفكرة الأولية في تأسيس المدرسة تمخض عنها إنجازات كبيرة ولم تأبى للعثرات والصعوبات التي اعترضت طريقها، لأن الإيمان الصميمي بالفكرة و بالإرادة القوية والمثابر وتحمل الصعاب والتغلب عليها عوامل كلها ساعدت على نقل الفكرة إلى الواقع العملي والتطبيقي وبإنجازات لا مثيل لها في مجتمعاتنا في بلدان المهجر.

فمنذ ولادة فكرة تأسيس المدرسة الآشورية في إستراليا عام 1995 وحتى يومنا هذا تم تحقيق إنجازات تعتبر بمقايس ظروف مجتمعنا في بلدان المهجر إنجازات عظيمة. فيخبرنا الموقع الألكتروني لكنيسة المشرق الأشورية في إستراليا الذي يديره وبإقتدار الشماس سامي القس شمعون  بأن المؤسسات التربوية التي تديرها الكنيسة هي:
•   مدرسة القديس ربان هرمزد الابتدائية، للفئة العمرية ( 5 – 12 ) سنوات.
•   دار رعاية الاطفال – النعمة – للفئة العمرية ( 2 – 4 ) سنوات.
•   مركز القديس ربان هرمزد للتعليم المبكر للأطفال ( 4 – 5 ) سنة.
•   كلية مار نرساي الآشورية للفئة العمرية ( 12 – 18 ) سنة.
•   كلية اللغة الاشورية للاعمار 18 فما فوق.
•   اضافة الى بناء قرية القديسة مريم العذراء النموذجية والتي تضم 52 وحدة سكنية لكبار السن والمرضى.
•   كما للكنيسة مدرسة مار كوركيس لتعليم اللغة الآشورية في مدينة ملبرون الإسترالية .
العلم الآشوري وأحرف اللغة الآشورية تزين جدران أحدى صفوف مدرسة مار كوركيس لتعليم اللغة الآشورية في مدينة ملبرون
————————————————–

فمن المؤكد بأن هذه الإنجازات لم يكن أمر تحقيقها وتواصلها نحو آفاق مستقبلية أبعد إلا بوجود خلفها إيمان قوي بهذه الكنيسة وبالأمة مقروناً بجهود مضنية وممارسات فاعلة على طريق الصواب وإصرار وبإرادة قوية على مواصلة السير نحو الأمام من دون تردد أو تلكئ امام العثرات والصعوبات. ليس هذا فحسب فإن توفر كل هذه الصفات والمميزات لتحقيق الفكرة ليست بكافية مالم يسندها ويغذيها تمويل دائم ومستمر قادر على تحريك وتسير هذه الإنجازت لتحقيق أهدافها، كما تفعل الوقود في تحريك سيارة فخمة. صحيح هو أنه كمدرسة وكغيرها من المدارس الخاصة تعتمد في جانب ما على أجور الدراسة التي يدفعها الطلاب والتي في كثير من الأحيان تكون غير كافية ولا تلبي جميع المتطلبات لتكون المدرسة نموذجية. غير أنه من المعروف أن الحكومة الإسترالية لها نظام تمويل ممتاز وفريد من نوعه في تمويل المدارس الخاصة ولكن رغم أهمية هذا، فأنه ليس “بيت القصيدة” بل الأهم هو كيفية فهم هذا التمويل والإستفادة منه بالشكل القانوني والأمثل في تحقيق إنجازات كبيرة لأبناء أمتنا. فغبطة المطربوليت مار ميلس زيا مع القائمين على شؤون المدرسة الآشورية في أستراليا وما لحقها من مؤسسات أخرى أستطاعوا الإستفادة القصوى من هذا التمويل وتسخيره لخدمة أبناء الأمة من خلال تأسيس هذه المؤسسات التربوية والإجتماعية. ففي هذه الأيام أعلن الموقع الألكتروني لكنيسة المشرق الآشورية عن المباشرة ببناء المبنى الضخم لكلية مار نرسي الذي ستكون كلفته الإجمالية بحدود 32 مليون دولار، ليكون بذلك إضافة إخرى إلى الإنجازات السابقة. وتمويل المدارس الخاصة ليس نظام حصراً في إستراليا بل هناك أنظمة تمويل للمدارس الخاصة في بقية بلدان المهجر في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا قد تكون مقاربة أو أقل “كرماً” من التمويل الإسترالي،  ولكن من المؤسف له بأن كنائسنا ومؤسساتنا المدنية، بإستثناء قليل في دولة السويد، عاجز تقريبا عن الإستفادة الكلية منها أو تسؤ إستخدامها فتتلاشى فائدتها في ترسيخ وتطوير مقومات وجودنا القومي في بلدان المهجر، فهذا هو أحد الأسباب الرئيسية التي لا نجد مدارس ومؤسسات تربوية لمجتمعاتنا في الولايات المتحدة أو في أوربا كما هو الحال في إستراليا. وهنا أقول بأنه لا يكفي أن يكون مسؤول الأبرشية مؤمن وورع ومتنسك فحسب  بل عليه أن يكون أيضا (Managing Director) أو (CEO) لأننا لسنا في عصر العزلة وزمن حيكاري، والإ ستغوض كنيستنا صراعاً مريراً مع الزمن من أجل البقاء. والقارئ اللبيب يفهم من هذه الإشارة القصد منها.


نموذج لمشروع كلية مار نرسي الذي هو قيد التشييد
———————————

إن الإنجازات العظيمة والجهود المبذولة لإستمرارها كثيرة وعرضها يطول كثيراً، وإختصاراً أقول لمن يرغب المزيد عليه الدخول على الموقع الألكتروني لكنيسة المشرق الآشورية في إستراليا وسيجد كثير الكثير من هذه الإنجازات ويتأكد لجزء مما ذكرناه في أعلاه.

الأبعاد الإستراتيجية القومية للمدرسة الآشورية في إستراليا
——————————-

للوهلة الأولى قد يبدو بأن مسألة المدرسة الآشورية وما تبعها من أنجازات أخرى في أستراليا حالة فريدة وإستثنانية وأن أمر المحافظة على لغة الأم في بلدان المهجر صعب جداً أن لم يكن مستحيلاً خاصة على المدى البعيد ونحن نعرف بأن قانون صراع اللغات لايرحم لغة الأقليات حيث تكون في نهاية المطاف الغلبة للغة الأكثرية السائدة والرسمية خاصة في المجتمعات الديموقراطية التي تكون أبوابها مفتوحة على مصراعيها أمام كل الثقافات واللغات لدخول حلبة الصراع الثقافي واللغوي. من هذه البديهية فأن اللغة الآشورية وبمدرستها في إستراليا كان عليها أن تغوض صراعاً مريراً  مع غيرها من اللغات خاصة الإنلكيزية، اللغة التعليمية والرسمية السائدة في كل مناحي الحياة، من أجل البقاء وإستمرارها على ألسنة أطفالنا. كما أن التعليم بالمناهج الرسمية المقررة وباللغة الإنكليزية مع تعليم اللغة الآشورية كلغة فقط أمر آخر يصُعب مهمة الحفاظ عليها لأجال بعيدة. من هذا المنطلق يجب أن نكون واقعيين وغير مبالغين في تحمسنا وأندفاعنا القومي وأن نتصور بأن المدرسة الآشورية في أستراليا في سياقها الزمي (الألفية الثالثة وعصر العولمة) والمكاني (مجتمع المهجر المنفتح) تسطتيع أن تضمن تخرج طلاب نابغين في اللغة الآشورية وأن يجاري طلابها طلاب المدارس السريانية في وطن الأم الذين يدرسون كل المناهج التدريسية بلغة الأم، ولا أن نتصور بأنها قادرة على خلق عباقرة التاريخ في اللغة أمثال برديصان ومار نرسي وقاشا يوسب قليتا ولا أن يتخرج منها إختصاصون في اللغة أمثال الدكتور عوديشو ملكو والدكتور روبن بيت شموئيل وبينامين حداد والمرحوم  يونان هوزايا وميخائيل ممو مروكي وأمثالهم كثر في أرض الوطن. نعم من المؤكد بأن المدرسة الآشورية لا تستطيع أن تحقق هكذا “معجزات” في هذا العصر وفي بلدان المهجر. ولكن بالمقابل نستطيع التأكيد بأنها ستكون قادرة على أن تجعل تلاميذها قادرين على الحفاظ على لغتهم القومية والتحدث بها ومحاولة صيانتها وحمايتها من الضياع والإنصهار وليس من المستبعد أن يظهر بينهم مهتمين ومختصين بلغتهم القومية خاصة إذا لعبت عوائلهم دوراً إيجابيا وفاعلاً وشجعتهم على الإستمرار في هذا الحقل والتخصص فيه.
ليس هذا فحسب، أي اللغة القومية، فأنه من الإجحاف أن نحصر نشاط المدرسة الآشورية في هذا الحقل فقط بل لها أبعاد إستراتيجية قومية تساعد الحفاظ على كياننا القومي في المهجر ومواجهة تحديات عوامل الإنصهار والضياع. ففي تقرير نشره الموقع الألكتروني المذكور يقول فيه ” تعتبر مدرسة القديس ربان هرمزد الابتدائية، اول مدرسة ينشئها شعبنا في بلاد الغربة ذات منظور استراتيجي ديني وقومي قائم على جمع ابناء وبنات الجالية معاً لترسيخ نمو الوعي والشعور الديني والقومي فيهم، ليتأصل بهم على مر الزمن من اجل حماية طلابنا من مفردات الانصهار والمحافظة على خصوصيتنا الثقافية والحضارية المتميزة التي ورثناها من اجدادنا…”. إضافة إلى هذا الأمر القومي المهم فأن لطلاب المدرسة مكانة متفوقة بين المدارس الإسترالية الآخرى ويشيد لها بالبنان من حيث حسن إدارتها ورفعة سياستها وسعة إنفتاحها للطلاب الآخرين خاص ما حدث في السنوات الأخيرة حيث تم قبول الكثير من طلاب العائلات المهجرة من أرض الوطن إلى إستراليا وتقديم المساعدات المادية والمعنوية لهم. ويكفي أن نشير هنا، على سبيل المثال لا الحصر، أحتفال المئات من طلاب المدارس الآشورية بذكرى يوم الشهيد الآشوري في العام الماضي، فمثل هذه النشاطات من المؤكد سوف تزرع في ضمائرهم وعقولهم بذرات الفكر القومي و ترسخ فيهم عظمة التاريخ الآشوري، وسيتعزز وجودهم القومي حتماً وسيتضاعف أكثر عندما تحصل إدارة المدرسة على الموافقات الرسمية لتدريس مادة تاريخ الاشوريين.


طلاب المدارس الآشورية في إستراليا يقفون دقيقة واحدة أكراماً لشهداء أمتنا في يوم الشهيد الآشوري
—————————————————

وأخيرا أوكد للقارئ الكريم بأن هذا الموضوع ليس معرفياً ولا إستعراضيا للمدرسة الآشورية في إستراليا وما لحقها من من تأسيس مؤسسات تعليمية وإنسانية وإجتماعية فهذا الأمر يتطلبه عشرات الصفحات المطولة، ولكن هذا الموضوع هو تأكيد للدارسة التحليلية ذات البعد المستقبلي التي كتبتها في عام 1995 عن فكرة تأسيس المدرسة الآشورية في إستراليا التي أطلقها غبطة المطرابوليت مار ميلس زيا وتتأكد في هذه الأيام من خلال هذه المنجزات الإستثنانية. وفي حينها ذكرت: تبقى فكرة تأسيس المدرسة نفسها كخطوة فكرية أولية في مسيرة العمل القومي الصحيح والواقعي لضمان مستقبل وجود الأمة الآشورية في المهجر كأساس وكمجال حيوي لدعم وإستمرار نضال الآشوريين في بيت نهرين حتى يتم تحقيق مصيرهم القومي بأنفسهم … وهو الأمل الذي ناضل أجدادنا في السابق، ويناضل في هذه الأيام أبناؤنا في الوطن من أجل الصمود والبقاء على أرض الأباء والإجداد، وسيناضل أطفالنا من أجله حتى يتم تحقيقه.

العنصرة – الاب توما ككا

[alert style=”blue”]العنصرة – الاب توما ككا[/alert]

المقدمة:

عيد العنصرة هو عيد تأسيس الكنيسة لأن في هذا اليوم حلّ الروح القدس على التلاميذ وهم مجتمعين. والاجتماع هو اجتماع المؤمنين الذي هو الكنيسة لان مفهوم الكنيسة: هي جماعة المؤمنين، وليست حجر او خشب او…الخ.

اصل العنصرة:

عنصرة لفظة عربية مأخوذة من العبرية עצרה (عتصيرت) ومعناها اجتماع أو احتفال. واما التسمية اليونانية للعيد \”البندكُستين\”، والانكليزية Pentecost اي \”الخمسين، لأنه كان يحتفل به بعد مرور سبعة اسابيع (تثنية الاشتراع 16/9) او خمسين يومًا بعد الفصح (احبار 23: 16). نجده في يوسيفوس فلافيوس (3 :252) والكتابات الرابينيّة، فيدلّ على ختام \”الخمسين الفصحيّ\”. ودُعي أيضًا \”عيد الأسابيع\” שבועות \”شفوعوت\” (طوبيا 2 :1). ويعتبر عيد العنصرة (عيد الاسابيع) أحد أعياد الحج اليهودية الثلاثة مع عيد الفطير (الفصح) في الربيع وعيد الاكواخ (قطف الثمار في الخريف) (تثنية الاشتراع 16/13 واحبار 23/ 34).

وفي هذا العيد يوجد هناك عناصر: الروح والالسنة والنار. اذ عندما كانوا مجتمعين التلاميذ معا حل عليهم الروح القدس بهيئة السنة من النار.

الروح القدس: هو مرشد الانسان وحكمته وقوته وهو الذي يعطي للانسان الاستنارة في كل شيء بحياته.

الالسنة: ترمز الى الكرازة والوعظ، الانسان عندما يمتلئ من الروح القدس يجب عليه ان يبشر ويعلم للعالم اجمع.

النار: يرمز الى الله، كما نلاحظ في العليقة في سفر التكوين. اي الانسان يجب ان يتسلح بالروح القدس وان يكون معلما ومؤمنا بالله. يجب علينا اليوم ان نكون متسلحين بالروح القدس الذي هو قوتنا وحكمتنا كما قال الرب يسوع سوف ارسل لكم المعزي الذي سوف يذكركم بكل شئ ويقويكم في اوقات الشدة والضيق، ويجب ان نكون معلمين وكارزين بالانجيل للعالم اجمع كما قال الرب يسوع اذهبوا الى العالم اجمع وعلموهم ما اوصيتكم به. ويجب ان نكون مؤمنين بالله الذي هو كالنار التي تحرق كل من لم يعمل بانسانيته ومحبته للاخر، وهو كالنار التي تتطهر الانسان من ذنوبه وخطاياه.

وبعدها نكون كالتلاميذ الذين تكلموا بلغات مختلفة وهنا لا نقرأ النص كأن التلاميذ تلكموا بلغات متنوعة وعديدة، بل يقصد بع ان الشعوب الحاضرة هناك فهموا رسالة التلاميذ واصبحت رسالة الله واضحة مفهومة للجميع، اذ ان رسالة الكنيسة اليوم هي رسالة المحبة، وعندما تعيش الكنيسة المحبة تكون رسالة الكنيسة للجميع واضحة ومفهومة.

الخاتمة:

طلب الرب لتلاميذه قبل صعوده الى السماء ان يبقوا في الجليل الى ان يلبسوا قوة العلي، وها ان التلاميذ اليوم لبسوا قوة العلي، اي الروح القدس. وذلك لكي يعلمنا الرب بأننا لا نستطيع ان نعمل اي شيء في حياتنا خارج الله. لا نستطيع ان نكون تلاميذ حقيقيين او واعظين او كارزين او معلمين ونحن بعيدين عن الله. الله هو الذي يقوينا، الله هو الذي يسندنا ويساعدنا.

احبتي… لنتسلح بالروح القدس، لكي يحفظنا من كل سوء، وعندما نقول يحفظنا اي الروح القدس هو الحكمة والمعرفة وعندما نقبل الروح القدس في حياتنا تكون لنا الحكمة والمعرفة كيف نحل مشاكلنا ونخرج من تجاربنا… امين.

المصادر:

الكتاب المقدس.

الخوري بولس الفغالي.

اعداد

الاب توما ككا

ايمان كنيسة المشرق (الجزء الاول) موت الانسان في ايمان الكنيسة – الشماس نينب رمزي

ايمان كنيسة المشرق (الجزء الاول) موت الانسان في ايمان الكنيسة – الشماس نينب رمزي

 الشماس نينب رمزي

لا شك ان الموت حسب المفهوم الانساني الحيوي ببساطة هو توقف كل وظائف الجسد عن العمل . في الايمان المسيحي بشكل عام والشرقي بشكل خاص الموت هي حالة من انفصال الروح عن الجسد وانتقال الروح من حياة ارضية وقتية الى حياة زمنية منتظرة اي انتقال الروح الى مكان تنتظر فيه اليوم الاخير حيث نقرأ من كتاب الموتى الشرقي: تُفرق النفس عن الجسد بأمر منك، وترتفع للحياة الثانية، هناك حيث كل قديسيك ينتظرون يومك الكبير ليلبسوا البر ويقدموا الشكر.

ونقرأ في مكان ثاني من نفس الكتاب لا تحزنوا على الذي رقد، سيأتي اليوم الذي سيقوم فيه كما قال مخلصنا، حيث كل من يؤمن بي له الحياة الابدية وانا سأقيمه بيوم القيامة. من هنا نفهم ان طقوس الموتى حسب ايمان كنيسة المشرق مبني على عدة اسس:

١-الحزن الانساني

٢- الرجاء الالهي

٣-الانفصال الروحي

٤-الاعتراف

٥-قيامة الاجساد

-الحزن الانساني حيث تحزن الكنيسة على انتقال جزء او عضو منها الى مكان آخر -الرجاء الالهي على قيامة هذا العضو الكنسي

-الانفصال الروحي عن الجسدي

-الاعتراف بأن الانسان يحمل خطيئة ادم وانه للتراب سيعود كما خُلق من التراب وخلاصه سيتم على يد الذي عُلق على الصليب وحرره من خطيئة ثمرة شجرة الحياة -واخيرا قيامة الاجساد في اليوم الاخير حيث سيقيمها ربنا يسوع المسيح للميت في طقوس كنيسة المشرق حوارات تبادلية بين الاحياء والميت نفسه حيث نجد ان كنيسة المشرق بعظمة لاهوتها صنعت حوارا كالذي تم طرحه اعلاه من الاحياء للجسد المنتقل، فيه تشجيع على ان هناك رجاء لقيامته وعلى عدم الحزن لاقربائه وعلى وداع هذا العضو لاخوانه المُخٓلصين بالدم اليسوعي حيث نقرأ ايضا من مار يوحنا فم الذهب قائلا لا تحزنوا بل افرحوا ،لا تلبسوا الاسود بل الابيض لان هناك نفس قد خٓلُصت بالمعمودية والصليب مُسبقا وهي تنتقل الى مكان افضل.

و في النهاية يرقد الجسد في مكانه في باطن الارض وعند نزوله يُحٓيي اصدقائه قائلا السلام معكم اخواني واصدقائي النائمين (الراقدين) ها انا افتح الباب لادخل واستريح بين صفوفكم ويرد عليه الموتى : تعال وادخل وانظر كم من الجبابرة نائمين هنا! اصبحوا ترابا و دودا في باطن القبر تعال وانظر الكم الكبير من العظام المختلطة حيث لا تُفرق بين الملك وعبده. كنيسة المشرق اعتمدت وبشكل كبير على الرموز المسيحية الاولى التي انتقلت من رسل المسيح واباء الكنيسة كما اسلفنا الذكر حيث في اليوم الثالث وكما قام المسيح وغلب شوكة الموت وفتح القبر هكذا يُكسر على قبر الميت اناء فخاري كرمز يرجع الى فتح باب قبر المسيح وقيامة الميت. ومن الرموز الاخرى هي اشتراك الرجال فقط في مراسيم الدفن وزيارة النساء فقط في اليوم الثالث للقبر تماما كما حصل مع المسيح حينما طٓيٓب الرجال جسده وكفنوه ودفنوه ثم ذهاب النساء للقبر في اليوم الثالث ليجدوه فارغا .

“ايمان كنيسة المشرق – الجزء الثاني “الذبائح

“ايمان كنيسة المشرق – الجزء الثاني “الذبائح

 الشماس نينب رمزي

 

 تاريخ دخولها في عادات مؤمني كنيسة المشرق ,اصولها من اين؟ ماذا تعني الذبيحة وارتباطها بكلمة تذكار(دوخرانا)؟ ما اسرار ارتباطها بتذكارات القديسين ؟ ماذا كانت العادات المرتبطة بها؟ هل لها مرجع قانوني او طقسي او كنسي؟ لماذا يجب ان نذبح؟ ولماذا مناهضة الذبيحة في هذا العصر؟ حلول شخصية واقتراحات افضل….

الذبيحة / مصطلح يطلق على اي كائن حي ممكن ان يُذبح لهدف معين.

الذبائح موجودة عند الوثنيين ايضا ,المسلم يذبح خروفا في عيد الاضحى ويقدمه نذورا , المسيحية مبنية على قاعدة الذبيحة الالهية (الخبز والخمر الذي يتحول لجسد ودم المسيح) وهي تذكار للمسيح عندما اقام العشاء الاخير وقال افعلوا هذا لذكري وكذا سُفك دمه على الصليب من اجل خطايا العالم فما اصول الذبيحة؟؟

الذبيحة وردت لاول مرة في الكتاب المقدس في تكوين 22 في قصة ابراهيم مع ابنه اسحاق حيث نرى كيف ان الله قد منح ابراهيم كبشا بعد ان امتحنه بذبح ابنه اسحاق على مذبح مبني من ابراهيم نفسه ومن هنا دخلت الذبيحة تاريخ الشعب اليهودي واصبحت تُقدم بقوانين محددة وشروط مُلزمة واصبحت كل النبوآت والذبائح فيما بعد تشير الى المسيح (الحمل) الذي سيأتي ويفدي العالم وكانت شروط الذبيحة عند اليهود:

1 – أن تكون الذبيحة، كل ذبيحة، بلا عيب، لأنها ترمز للمسيح الذي بلا خطية، فيقول في تثنية 15: 21 وَلكِنْ إِذَا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ، عَرَجٌ أَوْ عَمىً، عَيْبٌ مَا رَدِيءٌ، فَلَا تَذْبَحْهُ لِلرَّبِّ إِلهِكَ.

2 – وكانت هناك ذبائح اختيارية، إشارة إلى أن المسيح وضع نفسه بإرادته واختياره (لاويين 22: 19 4وعدد 15: 3 وتثنية 16: 1 وعزرا 3: 5 ).

3 – يكون تقديم الذبيحة لله فقط، رمزاً للمسيح الذي أسلم نفسه لأجلنا قرباناً وذبيحةً لله رائحة طيبة (خروج 22: 2 و أفسس 5: 2)

4 – يجب أن تُقَدّم الذبائح بالشكر (مزمور 5 : 8 و14) وبقلبٍ مستقيم (إشعياء 1: 13).

ويعلّمنا الكتاب المقدس أنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة (عبرانيين 9: 21) وهذا ما فعله المسيح الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ (أفسس 1: 7).

وكذا نرى ايضا كيفية ازدياد اهمية الدم والذبح عندما تم رش ابواب اليهود بدم الحملان لكي يمر منهم الملاك المُهلك الذي اهلك الابناء البكر للمصريين كوسيلة ضغط ليترك فرعون الشعب اليهودي ليخرج من العبودية من مصر.

الى هنا ينتهي عصر تقديم الذبائح حيث وحسب ما جاء في الكتاب المقدس ان المسيح كان الذبيحة الاخيرة التي تخلص من خلالها الشعب من الخطيئة حيث يوضح المسيح بنفسه العلاقة بينه وبين الذبيحة عندما قال هـذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا (متى 26: 28). وكذلك فَعَل يوحنا المعمدان حين رأى المسيح، فقال: هُوَذَا حَمَلُ اللّه الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ (يوحنا1: 29 و36).

لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا… نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة. وكل كاهن يقوم كل يوم يخدم ويقدم مراراً كثيرة تلك الذبائح عينها التي لا تستطيع البتة أن تنزع الخطية، أما هذا فبعد ما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله… لأنه بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين” (عب 10 4 و14)

وننوه ايضا ان زمن الذبائح يكاد ينتهي عندما يُسبى شعب اسرائيل الى بابل حيث يتم سبي ابناء المملكة الشمالية الى آشور و بعد ما يقارب ال 100 عام يُسبى ابناء المملكة الجنوبية (يهوذا) الى بابل حوالي سنة 578 ق.م وبعدها ب10 سنوات يتم تخريب مدينة وهيكل اورشليم والذي كان تقام فيه الذبيحة الكبرى للفصح وحتى بعد عودة شعب اسرائيل الى ارضه بعد السبي حيث بنى الهيكل مرة اخرى بدعم من حجي (18 سنة بعد المنفى) وعودة هيبته الا ان النبي ملاخي (من انبياء نهاية المنفى)لاحظ ان الشعب لم يعد يقدم الذبائح على الطريقة اليهودية الصحيحة وحذرهم من هذا الشئ ثم يأتي بعده زكريا ويوحنا والمسيح الذي تنبأ بخراب اورشليم وهيكلها وهذا ما حصل مرة اخرى سنة 70م حيث تم تدمير اورشليم وهيكلها بالكامل وحتى مع عودة اليهود الى ارض فلسطين الحديثة فإن الشعب الاسرائيلي لم يعد يزاول الذبيحة والمحرقة الكبرى الا باجتهادات فردية دون العودة الى الهيكل كما كانت العادات اليهودية المعروفة وقتها حيث بقيت ارض اورشليم ارضا محايدة بين العرب واليهود حتى اليوم.

كنيسة المشرق وكما اسلفنا سابقا وكل الايمان المسيحي مبني على الافخارستيا (جسد ودم المسيح) حيث وبكل وضوح تسمي المستطيل الذي يرمز لقبر المسيح والذي تُقام عليه الذبيحة الالهية (بالمذبح) وتذكر عشرات المرات جملة (الذبيحة الالهية) في كل ليتورجياتها المُقامة لمناسبات مختلفة ولم ترد ولا مرة جُمل كذبيحة حيوانية او سفك دم حيواني لا في قوانينها ولا ليتورجيتها ولا حتى في إرث آباء الكنيسة (للعلم آباء الكنيسة المُعتمدين والقانونيين هم فقطوا من عاشوا في القرون السبعة الاولى) حيث يُعتبر تقليد الذبائح الحيوانية قد دخل اوساط الشعب في حوالي القرون الثلاثة او الاربعة الاخيرة (تاريخ دخولها غير معروف تحديدا) عندما كان يعيش ابناء كنيسة المشرق في الجبال والقرى المحيطة بها في هكاري وتوابعها نتيجة الاضطهادات كان يزاول الشعب عادة رعي الخراف ويستفيد منها في العيش حيث يوفر له ولعائلته او عشيرته لقمة العيش الصعبة وبسبب هذه الظروف التي كان يمر بها ابناء الكنيسة كانوا ينذرون الخراف لذكرى قديس معين لانها كانت اغلى ما يملكون وبالتالي يوزعوها على ابناء المنطقة او الكنيسة والذين كانوا يعانون من الفقر كما اسلفنا لهذا نرى ان ابناء العشائر التي كانت تقيم هذه الذبائح توارثوا الامر وكأنه اصبح تقليدا يلزم الوارث ان يفعله تطبيقا لوصية او تسلسلا من اجداده وكانت هذه الذبائح تقام في ايام الذكرى للقديسين حيث يحتفل المؤمنين التابعين لقرية واحدة او عشيرة واحدة واتخذ التقليد طابعا راسخا دون اي جذور مسيحية حيث خرج منه مبدأ مساعدة الفقراء (الذين كانوا يفتقرون للحم الذبيحة وقتها) وتغيرت الازمنة ولكن بقي التقليد نفسه واصبح يُقدس من العلمانيين ودخلت فيها حفلات الرقص والمشروبات الكحولية و رسم الجباه بالدم بعلامة الصليب!! وباتت الذبائح توزع لغير المحتاجين وللمشتركين بمبالغ مالية فقط وبهذا خرج الطابع المسيحي من الذبيحة وباتت تشير الذبيحة للقديس نفسه (التبرك بأكلها) ,بعدها تغيرت الازمنة وخرج الشعب من رحم الاضطهاد والازمات وبات لا يحتاج لهذه الذبيحة كمصدر عيش حيث لم تعد تُغني الجوع الذي كان يتسم به ابناء الكنيسة في السابق.

المغالطة الاخرى التي يعيشها الكثير من ابناء كنيسة المشرق هي معنى كلمة (دوخرانا) بالآشورية وهي تعنى وبكل القواميس (ليعقوب اوجين منا و برعم اللغة لعوديشو ملكو) تعني الكلمة تذكار وبالحرف ,وحسب تقويم الكنيسة ايضا تترجم كلمة (دوخرانا) الى (تذكار) اي ان في هذا اليوم ستُقام ذبيحة الهية في الكنيسة بمناسبة تذكار هذا القديس ويتشفع به ابناء الكنيسة من خلال ليتورجيا (صلوات وتراتيل) تقام في بداية اليوم (المساء الذي يسبق يوم التذكار) وتكتمل بذبيحة الهية على المذبح المقدس (جسد ودم المسيح) التي توزع لابناء الكنيسة المؤمنين والمعتمدين ولا وجود لأي جذور لتقاليد شعبية تقام خارج نطاق هذه الرُتب حيث تُعتبر التقدمة الالهية هي اكبر ذبيحة واكبر مناسبة على نية القديس المذكور في ذلك اليوم إذ تُعلمنا كنيسة المشرق كيفية الاقتداء بذلك القديس او القديسة او كيفية جعلهم سببا لتمجيد الاب ضابط الكل حيث نجد في احدى التراتيل الليتورجية المسائية الصريحة تقول (نقيم تذكار الابرار وبصلواتهم نلتجئ ولك عن طريقهم ندعو سيدنا اغفر لنا ,حبك الذي من خلالهم تأسس فينا وبحقهم تكرز افواهنا وايمانهم ليتجسد فينا حقَ تجسيد )

ومن الدلائل الاخرى على ان زمن الذبيحة انتهى بصعود المسيح على الصليب هو انه لا يوجد في تاريخ الكنيسة الاولى وحتى القرن العاشر وما بعدها بقليل اي شئ مرتبط بالذبيحة الحيوانية على مستوى كل الكنائس الرسولية الارثودوكسية والكاثوليكية وبقية الكنائس الشقيقة حيث لا نرى اي ذكر لها في طقوسها المعروفة عن التشفع بالقديسين كما هو حال كنيسة المشرق, اي ان ما تم توارثه هو فقط تقليد شعبي.

و في النهاية نقدم بعض الحلول او الاقتراحات الشخصية التي ممكن ان تجعل من الذبيحة الحيوانية التي تُقدم مكانة افضل ايمانيا وممكن ان يتم قبولها كنسيا في المستقبل:

1_ الرب خلق الانسان من فيض حبه وخلقه حرا بالاطلاق ولا يمكن ان يربطنا بنذور لا جذور لها او حتى يلعننا لاننا لم نقدم له حملا او كبشا او ثورا حيث خرج مبدأ تقديم الذبائح كهبة خلاصية منذ قدوم المسيح الذي وهب نفسه بكل حرية ليكون كبش الفداء الاخير واوصانا باقامة هذه الذكرى من خلال سر الافخارستيا فقط (الجسد والدم) التي تقدمها الكنيسة كل احد او في اي يوم يقام على ذكرى او نية قديس او قديسة معينين.

2_ ان تم اقامة ذبيحة حيوانية فلا نتشبه باليهود:

أ_ لا نرسم الصليب بالدم على الجباه (فلو كنا لا زلنا في زمن الهرطقات لأعتبر هذا الشئ هرطقة كبرى) لأن رسم الصليب على الجباه تعني بأن هذا الانسان قد خلُص من الخطيئة بدم هذا الحمل او الخروف (تعليم يهودي) وبهذا ننسف فكرة ان المسيح خلصنا على خشبة الصليب وبالتالي ننسف ايماننا المسيحي دون ان نعلم لهذا توجب التنويه.

ب_ لا نكتب اسماء المتبرعين ولا كمية المال الموهوب من اجل الذبائح وبهذا نكون كالمرائين الذين يذكرهم المسيح بل عندما تقدم شيئا فلا تعرف شمالك بما تقدمه يمينك.

ج_ لا نُقيم مجلسا للرقص ولا للمشروبات الكحولية فالذبيحة التي تقدمها (للمساكين) لا يجب المناداة بها فوق السطوح وعند الجيران ولا يتم تدنيس مناسبتها.

د_ لا توزع الذبيحة لأهل بيتك ولا لأقربائك ولا للمشتركين ولا للمتمكنين من شرائها بل تُقدم لغير المتمكن من شرائها ومن اي ديانة اخرى (للمساكين فقط) فإن كُنا نقدم الذبيحة من باب المساعدة او النذور فكم بالاحرى ستكون قيمة ذلك القديس و كم سيكون ذلك القديس سببا لتمجيد الرب عندما تساعده في يوم ذكرى قديس معين وهنا نكون بالفعل قد اكملنا الهدف الصحيح من النذور او حتى المساعدة.

في النقاط المذكورة ايضا حصرا تتم ان كانت ذبيحة واصرينا على الذبح من باب التمسك بوصية معينة .

3_ ان اردنا ان نغير الذبيحة الحيوانية وجعلناها شئ اخر ممكن ان يستفيد منها المحتاج اكثر من اللحوم الحيوانية فالمسكين لا يفكر ان اكل اللحوم او الدجاج بل الان وبعد فوات اجيال عديدة باتت الانسانية والمساعدة تكمن في توفير ايجار منزلي او مساعدة مالية بامكان المحتاج من خلالها توفير ما ينقصه لاولاده من ملابس او حتى توفير الدفئ او التبريد في فصول السنة وليس بالضرورة الالتزام بشئ معين ف سد الحاجة بالنسبة للفقير هو المطلوب فيمكننا ايضا شراء اي شئ اخر يحتاجه هو و اولاده بقدر امكانية الشخص وتخيلوا كمية الفرح والبهجة التي ممكن ان تصنعها ذكرى قديس تسبب في ادخال الفرحة والبهجة في قلوب المساكين ليرفع المجد للآب الذي اصبحنا نحن الوسيلة التي من خلالنا يتمجد اسمه وقارنوا ذلك بقطعتي لحم ممكن ان تعطيها لذلك المحتاج.

كنيسة المشرق / قلعة الايمان المسيحي

المصادر /

 * الكتاب المقدس (التوراة ,الاسفار النبوية ,ملاخي, حزقيال ,اشعياء, ارميا)

*بولس الفغالي ,المدخل الى الكتاب المقدس, من الشريعة الى الانبياء 1995

*بولس الفغالي ,تعرف الى العهد القديم مع الاباء والانبياء 1994

*الكتب الليتورجية لكنيسة المشرق.

 

اختلاف مفهوم الكريستولوجي بين الكنائس

اختلاف مفهوم الكريستولوجي بين الكنائس

القس هرمز جرجيس

منذ أكثر من ألفي سنة ونحن نتأمل ونشرح ونفسر ونجادل لكي نوضح صورة المسيح المتجلية في تاريخ الكنيسة وفي مجامعها لنقر ونعترف له ونؤمن به إلها كاملا وإنسانا كاملا في شخص واحد هو المسيح الكامل ملك الملوك ورب الارباب واحد احد لا يتجزأ.

فالمسيح ليس مجرد شخصية زمنية او شخصية من أساطير الماضي، فهو لايزال هنا بيننا بقيامته المجيدة، هو حاضر بيننا، كما كان مع الرسل آنذاك فهو معنا ايضا. ايماننا به يجعل حضوره حقيقي ومحاورته حقيقية ايضا. في كل عصر المسيح هو نفسه لا يتغير، فهو ليس كما كان في نظر اليهود ( ماشيحا) انسان مثالي فقط وعد به الانبياء ليخلص الشعب اليهودي، وتحقق الوعد ولكنهم لم يؤمنوا به.

لا تختلف نظرة البعض في هذا الزمن عن نظرة اليهود فهم لا يرون في المسيح الا مجرد انسان مثالي في موقفه من الله ولا سيما في موقفه من البشر وفي نضاله من اجل العدالة وفي حبه اللامحدود للناس جميعا. كيف يمكننا القاء نظرة شاملة حول مكانة المسيح في حياتنا المسيحية وقراءة لاهوته وناسوته؟ اننا من خلال جولة في الكتب المقدسة وفي الرؤى المعاصرة عن المسيح، سنتأهل لادراك وفهم الاقنوم الثاني في الوهيته الكاملة وناسوته الكامل.

نقرأ في العهد الجديد ان المسيح هو الالف والياء، أي البداية والنهاية. له معرفة كاملة عن الله الاب فيكون بذلك هو الله، من راني فقد راى الآب. وبدأ الرسل رسالتهم بإسم هذا الرجل العظيم الذي صلبه اليهود وبإسمه أقاموا الموتى وأجروا الشفاءات. وباسمه نلنا الخلاص من ادران الخطيئة منذ أدم وحواء. ولبسنا ثوب الطهارة في المعمودية المقدسة. ثم اقامنا معه.

لكن لا يمكننا الفصل بين ادوار الاقانيم الثلاثة فما فعله المسيح الاقنوم الثاني لا يقلل من دور الله الاب ومن عمله ومكانته الاقنوم الاول، إذ ان العمل هو عمل روحي واحد صادر من الله الاب في تدبيره الخلاصي، والابن في الفداء وكذلك الروح القدس ودوره في استكمال الخلاص والقداسة. وهكذا نرى حصيلة العمل النهائي هو الخلاص، فدور الاقنوم الثاني هو التجسد والفداء اي ان الاله الكامل يصبح انسانا كاملا يتحقق فيه عمل إلهي. ثم أن المسيح تجسد ليؤكد حقيقة حضور الله في تاريخ البشر.

إن الاناجيل المقدسة تنقل لنا بصفاء ايمان الرسل وايمان الكنيسة الاولى الذي كان عبارة عن شهادة حية وتجسيد حي لاحداث ومعلومات وتنبؤات وألقاب اصبحت ذات قيمة كبيرة في حياة الرسل والكنيسة الاولى بعد حدث القيامة وتبينت هوية المسيح الحقيقية كالمتجلي، المخلص، الرب الازلي، ملك الملوك، رب الارباب ورب الجنود وابن داود وابن الله وابن الانسان والحمل والمعلم ،..الخ. وهذه القاب تعني الله نفسه كما تعني المسيح نفسه.

إن دخول الله حياة وتاريخ البشرية واضح خلال العهدين، ويوضح ذلك العهد الجديد جليا باضافته أسم “عمانوئيل” على لسان الملاك المبشر. وبذلك يكتمل مجرى الاحداث نحو الخلاص أو بعبارة اخرى يكتمل تاريخ الخلاص اذ اننا لا يمكننا فصل الخلاص عن التاريخ البشري حتى لا نشوه فهمنا للتدبير الخلاصي وننزع منه القدرة على تغيير التاريخ. ليس سهلا ادراك التعبير “ابن الله” وفي نفس الوقت يعبر هذا الاصطلاح عن “يسوع الناصري” نفسه، ذلك الذي ولد وعاش في اسرائيل في زمن تاريخي بين 7 ق.م و 30 ب.م، لا بل يمر بحياة عجيبة مختلفة لأنه يتألم ويُصلب ويُقبر في زمن بيلاطس البنطيّ. وهذه علامات تبين لنا ان الله دخل وتدخل في تاريخ البشرية حقيقة بشكل التجسد واتخاذه جسدا بشريا مثلنا ويندمج في هموم البشر ويوجهها في الوقت نفسه نحوه لأنه الطريق والحق والحياة، وبامكانه خلاص كل البشر.

وقد عمل الرسل جاهدين لبيان هذه الحقيقة والايمان بها. اي ان ايمانهم لم يخلق لهم “يسوع” بل أن يسوع نفسه أسس الايمان واسس الكنيسة التي جاهرت بهذا الايمان وبقيت أمينة لمؤسسها. فهنا يسوع يتقدم الكنيسة ويسمو عليها. ويكون اذن مسيح الايمان هو نفسه مسيح التاريخ الذي قام من بين الاموات وادرك الرسل هذه الحقيقة، وأكدوا عليها لتصبح منطلقا لكرازتهم الرسولية. إن الفهم اللاهوتي لهذه الحقيقة صار مرتكزا للمسيحية كما ورد في رسالة بولس الرسول الى اهل قورنثية 1 قور(15: 3- 8، 11)، 1 قور ( 15: 14). دافع التلاميذ بقوة عن الايمان بالقيامة لا بل استشهدوا من اجله.

كانت كرازة الرسل تدور حول حياة المسيح وموته وقيامته لأجل خلاصنا. تحول اليوم الثالث ليصبح يوما جديدا في تاريخ اسرائيل بل تاريخ البشرية، يوم انطلاق لاهوت المسيح الذي حدد تعليم الكنيسة المقدسة الرسولية، في شرح حدث الفصح، واعلان مسيرة الخلاص عمل الاقانيم الثلاثة المشترك، وهو ان الرب الاله له المجد في الارض والسماء أرسل أبنه الوحيد حيث تألم ومات ثم قام ربا وأفاض من روحه على بني كرازته. هذا الكلام هو ما ندعوه تعليما لاهوتيا، لان الخلاص تحقق من خلاله.

هذا التعليم العميق يعبر عن سر المسيح، عن سر شخصه، وهو يشكل اجابة على اسئلة كثيرة، مثل كيف يكون يسوع المسيح ربّا والها في نفس الوقت؟ هل هو إله حقا، كيف انبثق من الاب؟ كيف تم الاتحاد بين اللاهوت والناسوت؟ كتب يوحنا ان الكلمة صار بشرا وحل بيننا، ولكنه قبل ذلك يؤكد ان الكلمة كان في البدء لا بل يقول ” وكان الكلمة الله” اي انه منذ الازل، والازلية هو موضوع الخلاف فيما يخص الجسد التي اتخذه الكلمة في التجسد، فهل من الممكن ان يكون هذا الالهي الازلي السرمدي انسانا حقا؟ نعرج للتأمل في هذا الى بعض ما اختبره الانسان عبر التاريخ بعد ما رأى البعض عدم معقولية أزلية الجسد وانه لا يليق مقارنته بأزلية الرب الاله.

الغنوصية: انكر الغنوصيون تجسد يسوع المسيح، اذ يستحيل ان ياخذ الله جسدا لان الجسد شر وخطية. ولديهم أن المسيح روح اخذت شكل معين اشبه بشبح اوخيال. وحينها قام ايريناوس وطرطليانوس بالاجابة على هذه البدعة او الهرطقة:

إيريناوس 140- 202 م: احد لاهوتيي القرن الثاني الميلادي، أكد معتمدا على الكتاب المقدس على مبدأ الوحدة. ويقول ان الله واحد هو نفسه خالق الكون وابو الكلمة. ويرى ان تاريخ الخلاص يثبت وجودهم منذ الازل ويرى في المسيح خلاصة ومراجعة التدبير الالهي. وأكد على وحدة شخصية المسيح رافضا ان يكون هناك خلاص لمن يتنكر اتخاذ ابن الله جسدا حقيقيا كجسدنا وظهوره في التاريخ انسانا كاملا.

طرطليانوس 155- 225: يركز على شرح الوحدة مبينا ان الولادة لا تنال من وحدانية الاب فكتب مثله الشهير حول الشمس والشعاع الذي بدوره يكون متحدا به ولكن متميزا عنه اي ان ابن الله هو من جوهر وطبيعة الله فهو في آن واحد يماثله ويتميز عنه، أي أنه اله بسبب وحدة الجوهر.

آريوس 280-336: ادعى بأن الابن لا يمكن أن يكون ” أزليا ومولودا من الاب” في آن واحد. فيصرح بأن الابن هو مخلوق ولم يكن له وجود مع الاب، ولا يتساوى مع الاب في جوهره، وخاضع للتغير، فليس هو الها حصرا.

مجمع نيقية 325: حرم آباء المجمع الـ ( 318) بدعة آريوس ووضعوا قانونا هو أساس إيمان كل مسيحي عرف بالقانون النيقاوي، والى هذا اليوم يتلوه ابناء الكنيسة بصورة مستمرة في القداس الالهي وفي طقوس كنسية أخرى. ينص بأن الابن الكلمة مولود من الاب قبل كل الدهور… إله حق من إله حق … ابن ( ولد ) طبيعة أبيه ( متساوي الاب في الجوهر)، وهذه التصريحات العقائدية استهدفت اريوس وارائه الباطلة.

أثناسيوس 295- 373: دافع عن الايمان القويم، واشتهر بمقولته :” كل ماهو للاب هو للابن، ماعدا لقب الاب.

مجمعا (أفسس 431 م) و( وخلقيدونية 451 م).

أبوليناريوس من اللاذقية (381م): وكان من المدافعين عن مجمع نقية، غير انه تاثر بالفكر الاريوسي تدريجيا فتصور الكلمة المساوي للاب في الجوهر متحدا بطبيعة بشرية غير كاملة، وادانت عدة مجامع احدهما في روما (377 م) ومجمع الاسكندرية (378 م) وأنطاكية (379 م) ثم تمت ادانته في المجمع المسكوني الثاني في القسطنطينية ( 381 م).

نسطوريوس ( 428 – 431 م): دافع القديس الواعظ بتعاليم المدرسة الانطاكية، عن أن للمسيح طبيعتين متحدتين بإرتضاء لا يمكن الفصل بينها، فاعتبر خصومه (كيرلس الاسكندري) أنها هرطقة لانه فهمها على ان الاتحاد حصل وتلاشت الطبيعة الانسانية وذابت فيها، لكن نسطوريوس استخدم صفة التمييز للتعرف على الطبائع المتحدة مع بعضها.

أوطيخا (448م): راهب من اتباع كنيسة الاسكندرية وتعصب لآراء كيرلس قائلا:” اذا كان في المسيح طبيعتين قبل الاتحاد، فما عاد يوجد، بعد الاتحاد، الا طبيعة واحدة”. واحدة هي طبيعة الله الكلمة المتجسد”. فعقد مجمع خلقيدونية (8 تشرين الاول 451 م) للنظر في هذه التعاليم فجاء تعليم المجمع عن العقيدة مايلي:” إننا نعلم أن المسيح، ابن الله الوحيد هو رب في طبيعتين دون امتزاج ولا تغيير ودون انقسام ولا تفريق ودون ان يلغي هذا الاتحاد تمايز الطبيعتين، مع بقاء خصائص كل منهما على حالها”.

ربما كان فهم الاصطلاحات بشريا لذلك اختلفت التعابير بما قاله نسطوريوس عن صيغ أخرى وردت الا ان مجمع خلقيدونية ميز بين الطبيعة من جهة والشخص والاقنوم من جهة أخرى.

تخلى المجمع عن كيرلس وتعليمه واعتمد على صيغة البابا لاون “في الطبيعتين”. فأحدثت قراراته انقساما في الكنيسة الى مونوفيزية في الشرق وكنيسة الغرب. ورغم محاولات الكنيسة لعقد مجامع مسكونية لتوحيد الكنائس الرسولية، الا انه لم يتفق على أن الاختلاف كان في الالفاظ ولم يكن هناك داع لان يصبح سببا للحرم والعزل والقطيعة. ومن هذه المجامع:

1- المجمع القسطنطيني الثاني 553م.

2- المجمع القسطنطيني الثالث 681 م.

3- مجمع فلورنسا فيراري 1438- 1445م.

4- روما، الارمن 1439.

5- روما، السريان 1441.

6- روما، الاقباط 1441.

7- سقوط قسطنطينية 1453م.

مرحلة الكنائس الكاثوليكية الجديدة:

1- السربان الكاثوليك 1774م.

2- الكلدان الكاثوليك 1830م:

3- الاقباط الكاثوليك 1895م.

4- الاحباش الكاثوليك 1930م.

نتيجة لذلك بدأ الاقتراب بين الكنائس على هذه الاسس ليبدأ عهد الابتعاد عن الخلافات اللاهوتية ومن المبادرات في هذا المجال:

1- في 27/10/1971 صدور بيان مشترك بيت بابا روما بولس السادس وبطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للسريان البطريرك يعقوب الثالث.

2- في 10/03/1973 صدور بيان مشترك بين بابا روما بولس السادس والبابا شنودة الثالث بطريرك الاسكندرية والكرازة المرقسية.

3- في 23/06/1984 صدور بيان مشترك جددت فيه كنيستا السريان الارثوذكس بشخص البطريرك زكا عيواص وكنيسة روما بشخص البابا يوحنا بولص الثاني بيان سلفيهما.

4- في 11//11/1994 صدور بيان بين البابا يوحنا بولس الثاني ومار دنخا الرابع جاثليق بطريرك كنيسة المشرق الاشورية.

ومن الجدير بالذكر ان هذا هو البيان المشترك الاول بينهما. لقد عاشت كنيسة المشرق مستقلة وخاصة بعد مجمع أفسس 431 م. وكان لها تعليمها اللاهوتي الخاص المائل الى المدرسة الانطاكية واشهر مدارسها هي اورهي ونصيبين، وكان ابتعاد كنيسة المشرق والكنائس الاخرى عن بعضها البعض بسبب تلك الخلافات اللاهوتية التي امتدت لاجيال طويلة، والحقيقة كانت نتيجة سوء فهم وجهات نظر البعض للبعض الآخر. وربما استخدام كل فريق لاسس فلسفية مستقاة من مختلف المدارس الفلسفية كانت سببا آخر في هذا الابتعاد اضافة الى اسباب اخرى قد تكون بعضها سياسية لكون كل كنيسة نشأت في مكان ودول خضعت لسيطرة امبراطورية معادية لامبراطورية اخرى.

ان البيان المشترك المذكور الذي عدّاه رئيسي الكنيستين خطوة نحو عودة الشركة الكاملة بين الكنيستين، أزال سوء الفهم الذي دام ستة عشر قرنا: ” … ربنا يسوع هو اذا إله حق وإنسان حق، كامل في لاهوته وكامل في ناسوته، مساو للاب في الجوهر. وقد اتحد لاهوته بناسوته في شخص واحد، بغير اختلاط او تغير، وبغير انقسام أو انفصال. احتفظ في نفسه بالطبيعتين الإلهية والإنسانية على اختلافهما، بكل خواصهما وامكانياتهما وعملهما. لكن ليس بإنشاء “واحدة وأخرى” لكن باتحاد اللاهوت بالناسوت في نفس شخص ابن الله الواحد الفريد وربنا يسوع المسيح، الذي هو هدف العبادة الوحيد.

فليس المسيح اذا “انسانا عاديا” تبناه الله ليقيم فيه ويلهمه، كما هو شأن الابرار والانبياء. بل الله نفسه، الكلمة المولود من الاب قبل جميع الدهوربحسب لاهوته، ولد في الازمنة الاخيرة من امّ دون أب بحسب ناسوته. إن الناسوت الذي ولدته القديسة مريم العذراء هو دائما لابن الله نفسه. لاجل هذا تدعو كنيسة المشرق الآشورية في صلواتها العذراء مريم ” أم المسيح إلهنا ومخلصنا”. وفي ضوء نفس هذا الايمان فإن تراث الكاثوليك يدعون العذراء مريم ” والدة الإله” وأيضا ” والدة المسيح”. وإن كل منا يدرك صحة ومشروعية هذه التعبيرات لنفس الايمان، وكلانا يحترم ما تفضله كل كنيسة في حياتها الليتورجية وتقواها”.

المصادر:

  • الاب يوسف حبي، كنيسة المشرق، ج 1، ، بغداد 1989.
  • الاباء الاوائل، الاب لويس ساكو.
  • سير و قصص الشهداء و القديسين (قاموس آباء الكنيسة وقديسيها)، الكنيسة القبطية.
  • اللجنة الدولية للحوار اللاهوتى بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية، الانبا بيشوي.
  • التعليم الكريستولوجى لكنيسة المشرق الأشورية ما الخطأ فى هذا التعليم وكيف تطور، للأنبا بيشوى.
  • تطوّر الفكر اللاهوتي في كنيسة المشرق، أدور هرمز ججو النوفلي.
  • تاريخ الكنيسة الشرقية، الاب البير ابونا.
  • مقالات مختارة الكريستولوجية، كلية بابل للفلسفة واللاهوت.
  • تاريخ الكنيسة الشرقية والغربية، الاب منصور المخلصي.

من مات على الصليب، الانسان أم الاله؟

من مات على الصليب، الانسان أم الاله؟

القس هرمز جرجيس

لعل عنوان المقال يحمل مغزى في حياة كل مؤمن، فهو تساؤل يطرح نفسه في مرحلة من المراحل، وهنا نحاول لملمة الخبرة المسيحانية من كم هائل من المعلومات التي سنلخص جوهرها لما يمنحنا معنى يكون هو الجواب الذي نستند اليه في حياتنا الايمانية.

الاراء اجمالا على طرفي نقيض، احدها يقوم باستبعاد الالوهية من شخص يسوع المسيح الكامل (أي الاله الكامل والإنسان الكامل) ويتخذ من إنسانيته رمزا للبشرية ومحررا عادلا للحرية والمساواة بين البشر (كما هي فكرة النبي في العهد القديم)، ويقوم الطرف الاخر على رؤية أن يسوع المسيح شخص ورمز تاريخي دخل الى تاريخ البشرية كسابقيه بمجئ عجائبي وعظمة الهية ويحاول هذا التركيز على لاهوته فقط!

لكن الكنيسة وعبر التاريخ تأملت وتفكرت في تلك الاراء والاتجاهات وقامت بتحليل معتقدات الآباء وعقد رعاتها ومعلميها المجامع لاجل مناقشة شأن الايمان لأجل حفظ النظام وسلامة العقيدة لتتبعه كل الكنائس الرسولية. ولقد سبق واعقب هذه المجامع تحولات في العقائد التي كانت تتبناها كل كنيسة بطريقتها ولتصبح بعضها مذهبا تستند اليه في شرح العلاقة القوية بين الاله والانسان في شخص المسيح. وإن لم تكن الكنائس قد اتفقت في زمن الاختلاف وخاصة في موضوع الكرستولوجي فان دراسة هذا الموضوع أو شخص المسيح أو مسيحانية المسيح اليوم أصبحت تنادي أن تلك الاختلافات في الرؤى هي عامل غنى وأفكار عميقة مليئة بروحية ولاهوت مسيحاني عظيم.

درس آباء الكنيسة وطرحوا افكارهم التي بنوها على معطيات الكتاب المقدس للكشف عن وجه يسوع البشري والتعرف على هويته التاريخية وعن طريقها الوصول الى شخصيته الالهية. وتبين هذا منذ الجماعة المسيحية الاولى التي آمنت بالمسيح يسوع ربا والها يقودها الروح القدس ومختبرة سر المسيح الحقيقي. وكلمة الله في الانجيل المقدس هي الكلمة المتجسد متمم تدبير الخلاص وهذا كشف الهي لذاته فحسب ما يؤكده يوحنا :” وكان الكلمة الله”. وهكذا يسترسل الانجيليون ابتداء مع مريم القديسة ام المسيح الذي ولد منها، ويعطينا حقائق نتعرف من خلالها على يسوع المسيح وشخصه وناسوته فيدعوه ابن الانسان، المعلم السيد الابن الراعي الصالح آدم الثاني بالاضافة الى انه ضياء مجد الله وابن الله والكائن في صورة الله ابن العلي القدوس البار هكذا فان علاقته فريدة بالله الآب.

يرد في انجيل يوحنا ما يلي:” فأمسكوا يسوع. فخرج حاملا صليبه الى المكان الذي يقال له مكان الجمجمة، ويقال له بالعبرية جلجثة. فصلبوه فيه، وصلبوا معه آخرين، كل منهما في جهة، وبينهما يسوع” (يوحنا 19: 17 -18).

الايتان غنيتان بمعنى عميق كون مكان الصلب ” بينهما” أي في المركز هو مكان الشرف. ويوحنا يلفت انتباهنا الى شأن اعظم حينما يقول” يسوع الناصري ملك اليهود” (يوحنا 19: 19). نعم ان يوحنا يرى في يسوع لا فقط ملك اليهود بل ملك البشرية برمتها، فلم تكن الكتابة على اللوح بلغة واحدة بل يقول يوحنا: “وكانت الكتابة بالعبرية واللاتينية واليونانية” (يو 19: 20). وهذه اللغات كانت منتشرة في ذلك الزمان، العبرية لغة الكتاب المقدس “كلمة الله” واللاتينية لغة السلطة الرومانية أما اليونانية فهي لغة الثقافة في ذلك الوقت.

رؤساء الكهنة اعتبروها اهانة لهم، الذي رأى نفسه مهانا في شخص يسوع ( من ملك الى مصلوب)، أحتجوا لكن لاقوا جوابا من بيلاطس:” ما كتب قد كتب”. 19: 22. هذا الكلام هو نبوي وحقيقي واعلان لملوكية المسيح التي تنبأ بها بيلاطس في الاية 15 من الفصل 19: “هو ذا الرجل؟”. وفي تلك تلك الكتابة نقرأ الجواب لسؤال بيلاطس:” أ أنت ملك اليهود؟” يوحنا 18: 33، هذه هي الحقيقة العميقة التي تبين لنا الملوكية المشيحانية للكلمة المتجسد.

أعلن نثنائيل الذي جاء الى يسوع مع فيلبس وقال:” رابي، أنت ابن الله، أنت ملك إسرائيل”. (يوحنا 1: 49). فيسوع هو المسيح نفسه الذي بشر به الملاك مريم العذراء:” سيكون عظيما وابن العلي يدعى، ويوليه الرب الاله عرش ابيه داود، ويملك على بيت إسرائيل الى ابد الدهور، ولن يكون لملكه نهاية”. (لوقا 1: 31- 42). وقد يتبين ان هناك تعارض خارق بين كلام الملاك ونهاية حياة الرب؟ الا ان الصليب الظافر هو جزء من الملك، ولكن يعود الى الآب فهو والآب واحد وهكذا كما يؤكد الانجيلي يوحنا:” هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الابدية” (يو 3: 16). وبهذه المحبة اكتشفنا قدرة الله اللامتناهية التي بوسعها أن تنتزع الحياة من الموت، ذلك أن ملوكيته هي التي تخلّص.

هذه الكلمات وغيرها في العهد الجديد كانت نبعا لآبائنا في الايمان ومنهم مار نسطوريس ومار نرساي، ففي نظرة القديس مار نرساي الى المسيح، هي نظرة دفاعية ونتجت عنها كرستولوجية دفاعية قوية، ليجيب عن كل من رأى امتزاج وذوبان بشرية المسيح داخل لاهوته. ويؤكد القديس تمام الطبيعة الالهية والبشرية في المسيح في واحدة من جواهر تآليفه (ترتيلة بريخ حنانا دبطيبوثيه – مبارك الحنّان بنعمته)، هذه الترتيلة تتضمن لاهوت كنيسة المشرق اذا قام القديس بتلخيص فكره اللاهوتي المتوزع في الميامر الرائعة التي ألفها وفي مؤلفاته البقية. ما زلنا نرتلها في كنائسنا في موسم الميلاد رغم انها برأيي تصلح ان ترتل كل يوم على مدار السنة فهي بمثابة قانون إيمان كنيستنا المقدسة.

ويرى القديس مار نرساي تمام الطبيعة الالهية والبشرية في المسيح. لذا فان بشرية المسيح هي الرابط الجامع بين الخالق والمخلوق، فمن رفض طبيعة المسيح البشرية الانسانية رفض وأزال طريق الخلاص. ثم يرى ثانيا: أن الطبيعة تساوي الاقنوم حينما يتم القصد منها الشخص الفرد. وثالثا: وحدة الطبيعتين. بمعنى الاقامة حسب فكر القديس مار تيودوروس المصيصي. واخيرا: الارادة الواحدة. لا تتضمّن طبيعة المسيح محدودا، بل هو جاء الى المحدود. حلّ في المحدود بإرادته، فافتقد الجميع.

بهذا مار نرساي يحافظ على كمال الطبيعة الالهية والبشرية الانسانية مع التمييز بين الكلمة ويسوع الانسان. مشددا على وحدتهما. إنها وحدة لا يتأثر فيها الكلمة بالبشري، بل ان البشري يشارك مجد اللاهوت ويكشف عنه. إنها وحدة لا يتخلى فيها الكلمة عن شخص يسوع. فالكلمة لا يتركه حتى في ساعة موته بل يلبث معه في حالة القيامة. انه الصورة الحقيقية التي عبرها يعرف البشر والملائكة ويحبون ويعبدون ويسجدون اللاهوت المتسامي.

علمنا من مار نرساي ان الانسان المأخوذ فدى الجنس البشري بموته على الصليب. الموت هنا هو العمل الخلاصي بكل عظمته أي دور الكلمة والانسان في عمل الفداء. من خلال كل الصلوات والتضرعات الطقسية وخاصة في رتبتي القداس الالهي ( الانافورات) لقديسينا العظيمين مار تيودوروس ومار نسطوريس، تبين لنا التعبير عن التجسد بلفظة (لبس) أي لبس من جنسنا كل ما يحتاج اليه من اجل عمل الخلاص في سلسلة من التدابير: 1- كان انسانا. 2- لبس الضعف. 3- خضع للشريعة. 4- استعد للحرب ضد الشيطان، فانتصر عليه وعلى الموت. 5- تمجد، وقام في حياة جديدة. 6- صعد الى السماء الى مقام الله. ويمكن القول ان حياة المسيح عبارة عن ثلاث مراحل؛ الاولى: الحبل والميلاد الى المعمودية. والثانية: البرية، وتصل بنا الى الموت على الصليب. وثالثا: القيامة والصعود والتمجيد.

هكذا يعبر نرساي عن المسيح بوضوح انه المخلص لطبيعتنا البشرية، لبس الكائن الازلي طبيعتنا أي بشريتنا ليحرر بها جنسنا كله. نزل من السماء متجسدا في احشاء مريم ليقيم ادم من سقطته. وانتصر على الموت بموته، وصعد بشريتنا المائتة الى الوقار مع عظمته.

وخلاصة القول اين نحن من السؤال اليوم، انه مطروح امامنا نحن المائتين. فمن هو على الصليب بالنسبة الينا الانسان أم الاله؟ ان استنتاج كل واحد منا حول هذا الموضوع، ينبع من اسس ايماننا ومقدار الخبرات الروحية التي نعيشها في حياتنا وبقدر ما نتأصل في كلمات الرسل والقديسين وعيشها مع المسيح على الصليب.

المصادر:

التراث السرياني، نرساي المعلم، الاب. الفغالي، دار المشرق، بيروت، 1996.

محطات في سر المسيح الها وانسانا، الاب شلحت اليسوعي، دار المشرق، بيروت، 2006

سلسلة ابحاث كتابية 8، لوقا – الاعمال، دونالد يوئيل، بيبليا للنشر، بغداد، 2006.

سلسلة أبحاث كتابية 12، من اجل ايمان جاد، بقلم الكاردنال كارلو مارتيني، بيبليا للنشر، بغداد، 2006.

الانسان في ضوء المسيح، فيكتور شلحت، دار المشرق، بيروت، 1999.

الاعلان المسيحاني المشترك بين الكنيسة الكاثوليكية وكنيسة المشرق الآشورية

الاعلان المسيحاني المشترك بين الكنيسة الكاثوليكية وكنيسة المشرق الآشورية

يتقدم قداسة البابا مار يوحنا بولس الثاني، أسقف روما وبابا الكنيسة الكاثوليكية وقداسة مار دنخا الرابع، الجاثاليق – البطريرك لكنيسة المشرق الآشورية بالشكر لله الذي حثــَّهم على هذا اللقاء الأخوي الجديد.

إن كلاهما يعتبر هذا اللقاء خطوة أساسية على الطريق نحو استرداد الشركة الكاملة بين كنيستيهما. ويستطيعان حقاً، من الآن فصاعدًا أن يناديا معا أمام العالم بإيمانهما المشترك بسر التجسد.

نحن نعترف، كورثة وحماة للإيمان الذي تلقيناه من الرسل كما تمت صياغته من قِبل آبائنا المشتركين في القانون النيقاوي، برب واحد يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، والذي نزل في ملء الزمان من السماء وصار إنساناً من أجل خلاصنا. كلمة الله، الشخص الثاني في الثالوث القدوس، تجسد بقدرة الروح القدس بإتخاذه جسدًا من مريم العذراء بُعِثَت فيه روح عاقلة، أتحد معها بلا إنحلال منذ لحظة تكونه.

لذا فإن ربنا يسوع المسيح هو إله حق وإنسان حق، تام في الوهته وتام في ناسوته، متساوٍ في الجوهر مع الآب ومتساوٍ في الجوهر معنا بكل الأشياء ما عدا الخطيئة. ألوهته وناسوته متحدان بشخص واحد، دون اختلاط أو تغيير، دون انقسام، او انفصال. فبه تم الحفاظ على اختلاف طبيعتيَ، الألوهة، والناسوت، بكل خصائصهما، قدراتهما وعملهما.

ولكن بعيدًا عن تشكيل ( واحدٍ وآخر )، فالألوهة والناسوت متحدان في شخص ابن الله الرب يسوع المسيح الفريد الذي لا يتغيّر، والذي هو محط تقديس وحداني.

لذا فالمسيح ليس ” إنسانًا عاديًا “ تبناه الله ليقيم فيه ويلهمه، كما هو الحال في الصالحين والأنبياء. لكنه الله الكلمة الذي لا يتغيّر، المولود من أبيه قبل كل العالم بلا بداية بحسب ألوهته، ولد من أم بلا أب في آخر الزمان بحسب ناسوته. إن الناسوت الذي ولدته العذراء مريم كان أبدًا ناسوت ابن الله نفسه. ولهذا السبب تتوجه كنيسة المشرق الآشورية بصلاة مريم العذراء على انها ” والدة المسيح إلهنا ومخلصنا “. في ضوء نفس الإيمان هذا يتوجه التقليد الكاثوليكي إلى مريم العذراء على أنها ” والدة الله “ وكذلك ” والدة المسيح “. اننا نعترف كلانا بشرعية وصحة هذين التعبيرين لنفس الإيمان، ونحترم كلانا تفضيل كل كنيسة لتعبير على الآخر في حياتها الليتورجية وعبادتها.

هذا هو الإيمان الأوحد الذي نعترف به بسر المسيح. لقد ادى جدل الماضي إلى الحرومات Anathemas ، التي وقعت على الأشخاص والصيغ. إن روح الرب تسمح لنا بأن نفهم بشكل أفضل اليوم بأن الإنقسامات التي جاءت على هذا النحو كانت غلى حدٍ كبير بسبب سوء التفاهم.

أيّاً كان إختلافنا المسيحاني، فنحن نختبر أنفسنا متحدين اليوم في الاعتراف بنفس الإيمان بإبن الله الذي صار إنسانًا بحيث نكون أبناء الله بنعمته. نأمل من الآن فصاعدًا أن نشهد معًا لهذا الإيمان بالواحد الذي هو الطريق، والحق، والحياة، منادين به بطرق مناسبة إلى مَن يعاصرنا بحيث يؤمن العالم بإنجيل الخلاص.

إن سر التجسد الذي نشترك في الإعتراف به ليس حقيقة مُجرّدة مُنعزلة. انه يُشير الى ابن الله الذي أُرسِل ليُخلصنا.

يكتمل تدبير الخلاص، الذي يعود مصدره إلى سر شركة الثالوث القدوس – الآب والابن والروح القدس – من خلال المشاركة في هذه الشركة، بالنعمة، ضمن الكنيسة الواحدة المُقدّسة الجامعة الرسولية التي هي شعب الله، جسد المسيح وهيكل الروح.

يصبح المؤمنون أعضاء في هذا الجسد من خلال سر العماد المقدس، الذي يولدون ثانيةً من خلاله، بالماء وبعمل الروح القدس، مخلوقات جديدة. يثبتون بخاتم الروح القدس الذي يمنح سر المسوح المقدس، إن شركتهم مع الله ومع انفسهم تتحقق كاملةً بالاحتفال بتقدمة المسيح الفريدة في سر القربان المُقدس. تُعاد هذه الشركة للخطأة الأعضاء في الكنيسة عندما يتصالحون مع الله ومع بعضهم البعض من خلال سر الغفران. ويؤكد سر سيامة الكهنوت في الخلافة الرسولية صدق الإيمان، والأسرار والشركة في كل كنيسة محلّية.

ينجم عن العيش في هذا الإيمان وهذه الأسرار، ان البعض من الكنائس الكاثوليكية والبعض من الكنائش الآشورية يمكنها أن تعترف الواحدة بالأخرى على أنها كنائس شقيقة. تفترض الشركة مُسبقًا، حتى تكون كاملة وكُليّة، الاجماع فيما يتعلق بمضمون الإيمان، الأسرار ودستور الكنيسة. بما أن هذا الإجماع الذي نهدف إليه لم يتم التوصل إليه بعد، فلا يمكننا لسوء الحظ أن نحتفل معًا بالقربان المُقدس الذي هو علامة الشركة الكنائسيّة التي تمت استعادتها كاملة.

ومع ذلك، فإن الشركة الروحية العميقة في الإيمان والثقة المُتبادلة الموجودة بين كنائسنا تخولنا من الآن فصاعدًا أن نقوم بالشهادة معًا لرسالة الإنجيل وبالتعاون في حالات رعوية معينة، بما فيها نواحي التعليم بشكل خاص وإيجاد كهنة مُستقبليين.

نعاهد انفسنا ونحن نشكر الله الذي جعلنا نكتشف من جديد ما يوَحّدنا في الإيمان والأسرار، على ان نقوم بكل ما يمكن القيام به لإزالة عقبات الماضي التي ما زالت تمنعنا من الحصول على الشركة الكاملة بين كنائسنا، بحيث نستطيع أن نستجيب بشكل افضل لدعوة الرب من أجل الوحدة التي هي ملكه، وحدة يتعيّن التعبير عنها بشكل مرئي، للتغلب على هذه العقبات. نؤسس الآن لجنة مُختلطة للحوار اللاهوتي بين الكنيسة الكاثوليكية وكنيسة المشرق الآشورية.

ألقيت في ..

كنيسة القديس بطرس

في

11 \ تشرين الثاني \ 1994

+ الجاثاليق مار دنخا الرابع                              + يوحنا بولس الثاني

رسالة ايمان الاباء الاساقفة لكنيسة المشرق عام 612م

رسالة ايمان الاباء الاساقفة لكنيسة المشرق عام 612م

الاركذياقون توما القس ابراهيم

بقوة إلهنا الازلي الصالح وابنه الحبيب يسوع المسيح ربنا ومخلصنا المحيي، أترجم صورة رسالة الايمان المكتوبة من قبل الاباء اساقفة المشرق المجتمعين في العاصمة في السنة الثالثة والعشرون لحكم ملك الملوك كسرى ابن هرمزد، وهي سنة 612م، بسبب جبرائيل السنجاري دروستبيد الذي حثَّ كسرى الملك على ان يدعو الاباء المشارقة للجدال مع عقائد بني معتقده المضادة. حيث طلب منهم ان يفسروا بوضوح ويقين حقيقة ايمانهم. حينئذ بشجاعة باسلة موحدة ودون خوف فسروه بالكلام الآتي:

صورة الرسالة

نؤمن بالطبيعة الواحدة لله الازلي دون بداية، حي ومحيي الكل، قوي وخالق كل القوات، حكيم ومعطي الحكم. غير مركب ولا منقسم ولا جسم له، لا يرى، لا يتغير وغير مائت لا بنفسه ولا بآخر، ولا يمكن ان يتألم او يتغير مع آخر. كامل بجوهره وبكل ما له، لا يمكن ان يقبل الزيادة او النقصان، لانه وحده دون بداية وإله على الكل. المعروف والمعترف به بثلاث اقانيم مقدسة، الاب والابن والروح، ثلاثة اقانيم بطبيعة واحدة دون بداية، أقانيم ذو طبيعة واحدة دون بداية لا تمييز بينها ما عدا خصائص أقانيمهم المتميزة، الابوة، البنوة والانبثاق. وبالبقية فبأي شكل يعترف بالطبيعة عامة، هكذا يعترف بكل واحد من هذه الاقانيم دون نقصان. ففي أن الاب هو غير متألم وغير متغير، هكذا يعترف بالابن والروح القدس، انهم دون ألم وتغيير معه ومثله. وكما يؤمن بالاب دون حد ولا انقسام كذلك يؤمن بالابن والروح القدس دون حد او تركيب. ثلاثة أقانيم كاملة في كل شيء بإلوهية واحدة، قوة واحدة لا تضعف، معرفة واحدة لا تزول، ارادة واحدة لا تنحرف وسلطان واحد لا ينحل. الذي خلق العالم بطيبته، ويدبره بارادته، الذي منذ البدء علــَّم الجنس البشري عن الوهيته بأشياء قصيرة وبسيطة، بحسب فترة التوضيح. وبالرؤى والأمثال خاصة تراءى للقديسين في الزمن الوسطاني من البدء حتى المسيح. وعلـّم بشرائع وعجائب مميزة وفصيحة لتقوية التفكير البشري وتوسيع معرفته. وفي نهاية الازمنة حسن لحكمته التي لا تفهم، ان يكشف ويعرف للبشر أسرار ثالوثه المجيدة العجيبة، ليكبر طبيعتنا ويزرع فيه زرعاً صالحاً، زرع القيامة من بين الاموات والحياة الجديدة التي لا تفسد، والتي لا تقبل التغيير أبداً بحسب قدم معرفته وإرادته الازلية التي لا بداية لها.

وبسببنا نحن البشر ولأجل خلاصنا، جاء ابن الله الكلمة دون تغيير من ابيه الى العالم، وكان في العالم، والعالم كان بيده.

ولان الطبائع المخلوقة لا يمكنها ان ترى طبيعة الوهيته المجيدة جبل لنفسه من الطبيعة الادمية هيكلاً مقدساً بوقار لا يوصف. إنسان كامل من السيدة مريم الطوباوية العذراء القديسة، كمل بتنظيم طبيعي دون مشاركة رجل. لبسه واتحد معه، وبه تجلى للعالم، بحسب بشارة الملاك الذي قال لأم مخلصنا ” الروح القدس يحل عليك، وقوة العلى تظللك. فلذلك أيضًا القدوس المولود منك يدعى ابن الله“. ومن الشركة العجيبة والاتحاد دون الانفصال التي صارت للطبيعة الانسانية منذ بدء جبلته، المأخوذة من الله الكلمة آخذها، نعـلـّـم: نعرف أن ربنا يسوع المسيح ابن الله شخص واحد، مولود من الاب بطبيعة الوهيته الازلية، قبل بداية العالمين. وفي نهاية الازمنة ولد من العذراء القديسة ابنة داود بطبيعته الانسانية، بحسب قول الله لداود ” من ثمرة بطنك سأجلس على كرسيك”. ومن بعد هذه الاشياء، الطوباوي مار بولس الرسول في كلامه مع اليهود وضّح عن داود قائلاً ” ومن زرعه أقام الله يسوع المخلص كما وعد”. وفي رسالته الى أهل فيلبي هكذا يكتب ” والان فكروا بانفسكم، فحتى يسوع المسيح الذي هو صورة الله، اخذ صورة العبد”. لماذا لم يدعوا احداً آخر صورة الله الا المسيح بطبيعته الالهية؟ ومجدداً من يسمي صورة العبد غير المسيح بانسانيته. وعن قوله بانه ” اخذ”، الالوهية أخذت الانسانية، وعن ” اخذت” فالانسانية هي التي أخذت بالإلوهية. فاذاً خصائص الطبيعة كلها لا يمكن أن تختلط، لان الذي أخذ لا يمكن أن يؤخذ، ولا أيضاً الذي أُخذ يمكن ان يصبح آخذاً. ولكي يتجلى الله الكلمة في الانسان الذي لبس، وتراءى الطبيعة الانسانية للخليقة بنظام إنسانيته ووحدة غير منفصلة، ابن واحد يجب أن يتواجد كما تعلمنا وهكذا نعترف. فغير ممكن بأية طريقة أن تتحول الالوهية للانسانية أو تتحول الانسانية الى الطبيعة الإلهية والسبب انه كيف يمكن لمن لا بداية له أن يقع تحت ثقل التغيير او الموت. فإن تغيرت الالوهية وخرجت عن طبيعتها فهذا هدم للإلوهية ( حاشا) وإن خرجت الانسانية عن طبيعتها فلا خلاص بها، بل انه خلاص انساني. ولهذا نحن نؤمن بقلوبنا ونعترف بشفاهنا برب واحد يسوع المسيح، ابن الله الحي، لئلا تخفى إلوهيته ولا تسلب إنسانيته، إله كامل وإنسان كامل. فحين نقول المسيح إله كامل، فنحن لا نقولها للثالوث كله، بل لواحد من الاقانيم الثلاثة والذي هو الله الكلمة. وكذلك لما نقول المسيح هو انسان كامل، فلسنا نقولها للبشر أجمعين بل للاقنوم المعروف المأخوذ للاتحاد مع الله من أجل خلاصنا. ولهذا ربنا يسوع المسيح المولود بإلوهيته من الله أبيه أزلياً ( دون بداية ) في الازمنة الاخيرة، ومن أجل خلاصنا ولد من العذراء القديسة بإنسانيته. فمكث بإلوهيته دون حاجة أو ألم أو تغيير. بينما بإنسانيته من بعد مولده خـُتن وكبر بحسب شهادة لوقا الانجيلي ” كان يسوع ينمو بالقامة والحكمة والنعمة، لدى الله والبشر”. وحفظ الناموس، اعتمذ في نهر الاردن على يد يوحنا، وحينئذ بدأ يبشر بالعهد الجديد، بقوة الوهيته كان يعمل العجائب: تطهير البرص، فتح عيون العميان، إخراج الشياطين، وإقامة الأموات. وبطبيعته الانسانية: عطش، جاع، أكل، شرب، تعب، نام، وفي النهاية سلــّـم ذاته من أجلنا نحن البشر وصلب وقبل الالم والموت. ولم تنتقل معه إلوهيته ولم تقبل الألم، ولفّ جسده بأقمشة الكتان ووضع في القبر ومن بعد ثلاثة أيام قام بقوة إلوهيته كما سبق وقال لليهود قبل صلبه ” انقضوا هذا الهيكل وأنا سأقيمه بثلاثة أيام” ويفسره الانجيلي قائلاَ ” كان يقصد هيكل جسده”. وبعد ان قام جال الارض مع تلاميذه مدة اربعين يوماً، مظهراً لهم يديه ورجليه، قائلاً لهم ” جسوني واعلموا أن الروح ليس له لحم او عظام، بينما أنا لي كما ترون” فبالكلام والجس والعجائب ثبتهم على قيامته ليقوي رجاء قيامتنا بحقيقة قيامته. وبعد أربعين يوماً صعد الى السماء أمام أعين تلاميذه وأخذته غمامة وأختفى من أمام أعينهم بحسب شهادة الكتاب، ونحن نعترف أنه عتيد أن يأتي من السماء بقوة ومجد ملائكته القديسين، وسيقيم الجنس البشري كله، ويدين ويفحص كل الناطقين، كما قال الملائكة للرسل وقت صعوده ” يسوع هذا الذي منكم صعد الى السماء، كما رأيتموه صاعداً الى السماء هكذا سيأتي”. وبهذا نعلمهم أنه صعد الى السماء لكن أقنوم انسانيته لم يتلاشى أو يتغير بل بقي وحفظ باتحاد لا ينفصل مع الوهيته بمجد بهي، حيث به هو عتيد أن يتراءى بتجليه الاخير من السماء لاخجال صالبيه ولفرح وفخر المؤمنين به، فله ولابيه وللروح القدس المجد والاكرام الى الابد الآبدين.

نحب بفكرنا ونعترف بشفاهنا بهذا الايمان المستقيم الذي قبلناه وتعلمناه من تعليم الانبياء والرسل والآباء القديسين الروحي. ونعترف بكل من بشروا به وعلموه واستلموا وقبلوه. سواءً المجامع العامة من زمن لآخر في الغرب والشرق، أشخاص رسميون عرفت أسمائهم في الكنيسة المقدسة. فهؤلاء نقبلهم ونحبهم ونكرمهم كما هم كآباء وأخوة وبنو الايمان. ولكن الذي أنحرفوا عن هدف هذا الإيمان وتعلموا وعلــّموا ضده، فنحن نحسبهم مبغضين وغرباء. فهذا هو تعليم الايمان الحقيقي المعطى والمسلـَّم للكنيسة المقدسة الكاثوليكية الجامعة من الرسل القديسين. وفي أرض فارس منذ أيام الرسل وحتى الآن، لم يتواجد إنسان هرطوقي ( مخالف) أدخل على هذا الايمان انشقاقات. بينما في أرض الروم فمن زمن الرسل وحتى الآن نبعت بينهم مذاهب مخالفة كثيرة ومنفصلة أفسدت كثيرين، وحينما كانوا ينبذون من هناك كان يصل ظلامهم الى هنا بهربهم مثل المانيين والمرقونيين والذين يدخلون في عقيدتهم غير الصحيحة، الألم على الله، حوربوا ونبذوا من الكنيسة المقدسة فمن هناك بدأ مرضهم. خرجوا وجاءوا الى هنا، وهم يتجولون خفاءً بهيئة كاذبة، وهم يدخلون من زوايا خفية على أناس القرى البسطاء. والان نحن نؤمن ونفتكر وننتظر كما صارت أرض الروم تحت سلطان حكمهم الشهير والمجيد، لتأمر سيادتكم بأمر مسموع ومفيد سلطة الولايات والمدن الجديدة، أن يُـصلحوا ويؤمنوا معنا بهذا الايمان الرسولي، الذي قبلناه سوية منذ البداية. ونؤمن بإله واحد حقيقي الذي هو رب كل البرايا، وهو يحفظكم بحسب مشيئته، بوحدة السيادة على العالم كله، الى آبد الآبدين، آمين.

كنيسة المشرق الآشورية والكنيسة الغربية الكاثوليكية وفــــاق و وئــــــام

 كنيسة المشرق الآشورية والكنيسة الغربية الكاثوليكية
وفــــاق و وئــــــام

مثلث الرحمات مار نرسي دي باز
مطران لبنان وسوريا لكنيسة المشرق الآشورية

يبدو للوهلـة الأولى بأن الحديث عن الوفاق والوئام بين كنيستين رسوليتين، أو حتى بين الكنائس الأخرى، مسألة مستغربة ومثيرة للعجب والتساؤل في ظل إيماننا المسيحي الذي يقوم بالأساس على المحبة والوفاق والوئام والتسامح بين جميع أبناء البشر دون أي تمييــز. لقد علمنا ربنا يسوع المسيح كيف نحب بعضنا البعض، فالكتاب المقدس زاخر بإصحاحات وأمثال في هذا المجال ومعروفة للكثير من ألمؤمنين لا بل ويعلمنا يسوع أيضا كيف نحب حتى أعداؤنا ويأمرنا ويقول ” أحبوا أعداؤكم ” (متى 5:44 ).

هكذا علمنا ربنا يسوع المسيح وبشر رسله الأطهار بين جميع شعوب العالم، فكيف والحال بيننا نحن رجال الدين الذين نمثل مملكة الرب على الأرض ونحمل رسالته في المحبة والوئام والوفاق ونسعى إلى ترسيخها بين أبناء رعية كنائسنا؟ فكل كنائس العالم بمختلف اتجاهاتها ومعتقداتها تجمع على هذه المبادئ وتدعو إلى هذه الرسالة. إذن ما الذي يدعونا إلى أن نطرح مواضيع محاطة بالكثير من التساؤلات والبحوث حول المبادئ المسيحية في الوفاق والوئام طالما يجمع عليها معظم كنائس العالم وبالأخص الكنيستين الآشورية والغربية الكاثوليكية، موضوع بحثنا هذا، طالما هي مسألة أساسية في إيماننا المسيحي لا يستوجبها البحث والتساؤل حولها. هذا من الناحية الروحية والمثالية التي لا تشوبها أية شائبة في إيمان الكنيستين الآشورية والغربية الكاثوليكية. أما من الناحية الواقعية والفعلية فالأمر يختلف كثيراً وهو الذي يشكل مصدر كل هذه التساؤلات في البحث والتقصي عن قيم المحبة والوئام والوفاق والتسامح ومن ثم الكشف عنها وترسيخها بين الكنيستين وطبقاً للمبادئ التي تعلمناها من ربنا يسوع المسيح. فلو حاولنا، ولو بقليل من الجهد والبحث، عن مصدر هذه التساؤلات التي تدفعنا لطرح هذا الموضوع لوجدناه في كلمة واحدة وهي الســياسة، ربما الأصح في كلمتين وهما السياسة المكيافيليــة. واقصد بهذه السياسة سعي الدول بكل الوسائل ولدرجة وصلت حتى إلى استغلال الدين والكنائس وتسخيرها من دون أي وازع ديني أو أخلاقي أو إنساني من أجل تحقيق مصالحها الخاصة البعيدة كل البعد عن أبسط القيم السماوية والأرضية.

أي بهذا المعنى أقصد بأن السياسة بما تتضمنها من مؤثرات فكرية واجتماعية واقتصادية هي التي وضعت الحدود وبنت السدود بين مثاليتنا الروحية في فهم القيم المسيحية وبين الواقع الذي نشأت فيه كنائســنا وهي التي شوهت أيضاً ،عبر التاريخ الطويل، مفاهيم الوفاق والوئام القائمة، أو التي كان من الواجب قيامها في الواقع الفعلي بين الكنيستين الآشورية والكنيسة الغربية الكاثوليكيـة. فبسبب هذه السياسة المكيافيلية طغت إفرازاتها الفكرية والاقتصادية والاجتماعية على سطح العلاقات بين الكنيستين منذ أمد بعيد وظهرت ضمن هذه الإفرازات وكأنها علاقات تفتقر إلى الحد الأدنى من الوفاق والوئام وتسودها القطيعة والجفاء أن لم نقل البغض والعداء، في الوقت الذي تعتبر مبادئ الوفاق والوئام التي تعلمناها من ربنا يسوع المسيح أساس وجود كلا الكنيستين. فمن هذا المنطلق نقول، كلما طغت السياسة المكيافيلية وتعاظم تأثير إفرازاتها المختلفة على الشعوب بما فيها مؤسساتها الروحية، وأقصد الكنائس بالذات، تضاءلت أو اضمحلت المبادئ المسيحية في الوفاق والوئام والمحبة والتسامح في ما بينها. والعكس صحيح أيضا، فكلما تضاءلت أو تلاشت السياسة المكيافيلية وقلّ تأثير إفرازاتها المختلفة على الشعوب وكنائسها برزت وتعاظمت المبادئ المسيحية في الوفاق والوئام والمحبة والتسامح بين الكنائس المختلفة واقتربت من النبع المسيحي الأول الذي شربت منه جميع الكنائس. فهذه الحقيقة المنطقية تنطبق في أجلّ صورها على طبيعة العلاقة بين الكنيستين الآشورية والغربية الكاثوليكية والتي خضعت خضوعاً مباشراُ ومؤثراً إلى إفرازات السياسة المكيافيلية لبعض الدولة الكبرى وبالأخص بريطانيــا وفرنســا أبان تصاعد حدة نزعتهما الاستعمارية التنافسية في القرن التاسع عشر وبداية قرن العشرين، وبالتالي أبعدت كلا الكنيستين في الواقع الفعلي عن منبعهما المسيحي المشترك في الوفاق والوئام فظهرت العلاقة بينهما متصفة بالجفاء والعداء مبتعدة بمسافات بعيدة عن إيمانهم الحقيقي والصميمي وعن تعاليم معلمنا الأول سيدنا المسيح في الوفاق والوئام الواجب توفرها لا بين كنيسة وكنيسة فحسب أو بين فرد وفرد بل بين جميع شعوب الأمم المعمورة، وهو الواجب الذي حملته كنيستنا الآشورية على عاتقها في هذه الأيام في التطهر من السياسة المكيافيلية وتأثيراتها في بناء علاقتها مع جميع الكنائس وبالأخص الغربية الكاثوليكية منها والتي يتحقق جانب منها في خطوات التفاهم والتقارب نحو الوحدة بين شقي كنيسة المشرق، وأقصد كنيستنا الآشورية والكنيسة الكلدانية الكاثوليكية .

والتاريخ البعيد والقريب يؤيد ما ذهبنا إليه. فمن الحقائق التاريخ المعروفة لدينا هي أنه بعد سقوط الإمبراطورية الآشورية في عام 605 ق.م. أنحصر كيانها السياسي في أعالي بلاد آشــور وفي دويلات صغيرة وضمن مناطق تقاطع دوائر الصراع الفارسي والاغريقي ثم البيزنطيني المستمر والتي كانت تتمتع بنوع من الاستقلال الذاتي. ومن هذه المناطق، وتحديداً من منطقة أورهي أو أورفه، حاليا في جنوب شرقي تركيا والمعروفة عند الغرب بـ “أوديسا”، أنطلق أيماننا في بناء الصخرة الأولى في كنيستنا وعلى يدي مار أدي الرسول ثم تلاميذه ماري ومار أجاي والذي توسع هذا الإيمان حتى وصل إلى أقاصي الصين ومنغوليا بحيث تمكن مؤمنو هذه الكنيسة من بناء إمبراطورية روحية واسعة عوضتهم عن فقدانهم لإمبراطوريتهم المادية القديمة فأصبحت إمبراطوريتهم الجديدة جزء من حياتهم ووجودهم أستوجب الحفاظ عليها وعلى إيمانهم المسيحي واستمراره وتواصله حتى اليوم الكثير من التضحيات بالأرواح والدماء، وهي تضحيات مقرونة بملاحم عجيبة في التضحية والفداء من أجل كلمة الرب، وتفاصيلها مذكورة في الكثير من الكتب والوثائق التاريخية ولا نرى المجال متسع للإطناب فيها لأنها معروفة للداني والقاصي.

ومن الملاحظ في تاريخ كنيسة المشرق الآشورية بأنه رغم انتشارها في مناطق واسعة وشمولها لشعوب مختلفة ومتعددة واستمرارها لقرون طويلة إلا أن أتباعها كانوا وعلى الدوام يشكلون أقلية بين بقية الشعوب والمعتقدات، ولم يكن حاكم أو ملك ذو شأن من أتباعهم، وظلوا عبر التاريخ الطويل وحتى اليوم أقلية لا دولتية، أي لم يؤسس أتباعها أية دولة أو كيان سياسي مستقل خاص بهم أو ارتبطوا بدولة أخرى تبنت نفس معتقداتهم، وهذا بالأساس كان يرجع إلى كون كل اهتمامهم وحياتهم مكرسة لخدمة مملكة الرب وبالتالي لم تشغل مملكة الأرض أي اهتمام عندهم. من هذا المنطلق، أي بسبب الافتقار إلى كيان سياسي فاعل ومؤثر قادر على توفير الحماية أو الصيانة اللازمة لكنيسة المشرق من المؤثرات السياسية الخارجية نرى بأن كنيسة المشرق الآشورية خضت وتأثرت تأثراً كبيراً ومباشراً بسياسة الدول الأخرى وعجزت عن مقاومتها وبالتالي تعرضت لتأثير سياسيات الدول التي خضعت إليها، ابتداءً من الدول الفارسية ثم البيزنطينية والإسلامية فالعثمانية والأوربية بما فيها بريطانيا وفرنسا. وطبقا لهذه السياسات، التي فرضت بالحديد والنار على رؤساء الكنيسة ورعيتها أو استغلت ظروفهم المأساوية لفرضها عليهم، تحددت طبيعة علاقتها مع الكنائس الأخرى التي خضعت هي الأخرى إلى سياسات الدول، وخاصة الدول التي كانت في عداء وحروب مستمرين كالإمبراطوريتين الفارسية والرومانية ثم البيزنطينية كما كان في السابق، والامبراطورية العثمانية والدول الغربية كما كان في القرون القليلة الماضية، فانعكست هذه الصراعات، بكل ما تحمله من طابع سياسي وفكري وحضاري، في طبيعة علاقات كنيسة المشرق الآشورية مع الكنائس الأخرى، فأصابها الكثير من الجفاء والقطيعة والعزلة، خاصة بعد منتصف القرن الميلادي الرابع فكانت تلك الفترة البداية الأولى في بناء السدود بين كنيستنا والكنائس الغربية الأخرى والتي استمرت قرون طويلة وحتى إلى وقت قريب من عصرنا.

وبقدر تعلق الأمر بمبادئ الوفاق والوئام من الناحية الروحية في طبيعة علاقة كنيستنا مع الكنيسة الغربية الكاثوليكية ومدى تأثرها بالسياسات المكيافيلية منذ القرن السادس عشر الميلادي، وهو القرن الذي بدأت الدول الغربية وكنائسها الاهتمام بالعالم الشرق الأوسطي وبمسيحييه وكنائسه، ومدى قدرة هذه السياسات في تحويل هذه الطبيعة الروحية للعلاقة بينهما إلى نوع من الجفاء والخصام نلاحظ بأنه مرة أخرى انعكاس تأثيرات مملكة الأرض المتمثلة في الأطماع الاستعمارية للدولتين البريطانية والفرنسية وحتى الروسية وصراعهما على ممتلكات الرجل المريض، أي الدولة العثمانية، على طبيعة العلاقة بين كنيسة المشرق الآشورية والكنيسة الغربية الكاثوليكية، وبالأخص الكلدانية منها، وطغت على المبادئ الروحية الصميمية في الوفاق والوئام التي تجمعهم ككنيسة واحدة ذات طقس ولغة وشعب واحد . وتجلت مكيافيلية هذه السياسات وبكل وضوح في ادعاء هذه الدول في حماية الاقليات المسيحية ومساعدتهم للتخلص والتحرر من ظلم واستبداد الأتراك في القرن الماضي كأسلوب لتنفيذ مأربهم السياسية عن طريق استغلال الدين. لذلك كان لازماً على كل دولة اللجوء إلى الطائفة الأقرب إليها من حيث المعتقد سعياً لتحقيق هذه السياسات، كما كان لازماً عليها أيضا في تعزيز موقف هذه الطائفة وتعظيم نفوذها في الدولة العثمانية أن تحاول تحقير الطوائف الأخرى والنيل منها. فهكذا استطاعت الدولة الفرنسية، سواء عن طريق مبشريها أو قناصلها أو مفكريها، أن تزرع في نفوس وعقول أبناء الطائفة الكلدانية الكاثوليكية مفاهيم تقوم على اعتبار أبناء كنيسة المشرق الآشورية مجرد نساطرة وكفرة وملحدين وغيرها من الشتائم التي زادت من الشقاق والخصام بين الكنيستين. وعلى الجانب الاخر، وأقصد كنيسة المشرق الآشورية، كان تأثير السياسة المكيافيلية الإنكليزية أكثر قوة وعمقاً وذلك لسببين : أولهما كون بريطانيا هي الدولة الأكثر نفوذاً ومصلحة في المنطقة وخاصة في العراق. وثانيهما عدم وجود لبريطانيا طائفة قوية في الدولة العثمانية ثم في العراق من اتباع الكنيسة الإنكليكانية للاعتماد عليها في تنفيذ سياستها فوجدت في استقلالية كنيسة المشرق الآشورية وفي عدم وجود من يستجيب لاستغاثتها وهي غارقة في المذابح والفواجع والتشرد، فرصة ذهبية لاستغلالها من دون أي وازع أخلاقي وديني وأنساني لتحقيق مآربها الاستعمارية. فنجحت فعلاً في تحقيق الكثير من أهدافها ومنها الهدف المتعلق بموضوعنا في زرعها لبعض المفاهيم السيئة في نفوس وعقول أبناء كنيستنا عن أخوتنا أبناء الطائفة الكلدانية وفي اعتبارهم مجرد ( قليبايـه) ، والذي يعني باللغة الاشورية السريانية بـ ” المتحول من مذهب إلى مذهب أخر ” أي الذين باعوا أنفسهم للغرب مقابل بعض الفرنكات، وهكذا غيرها من الشتائم التي تناقلها الطرفين وحتى أيامنا هذه ولا يزال يتناقلها البعض الغارقون في النزعات الطائفية والنائمون في ظلام الماضي الأليم.

واليوم هو غير الأمس و بجميع جوانبه الموضوعية والفكرية، فلا عزلة هيكاري ولا التقوقع الفكري ينفعان في هذا الزمان، زمن الكومبيوتر والبريد الالكتروني والانترنت والستلايت. كما لا تنفع الأساليب والمناهج العتيقة في التعبير عن أصالة كنيسة المشرق الآشورية وعن ومعتقداتها أثناء تعاملها مع بقية الكنائس المسيحية خاصة بعد أن تسلح أبناء رعيتها بسلاح العلم والمعرفة واكتسبوا مناهج علمية معاصر في التعبير عن أصالتهم التاريخية قادرة على الدخول في تفاهم ووفاق ووئام مع بقية الكنائس المسيحية بعقلية علمية منفتحة. وكان اجتماع قداسة البطريرك مار دنخا الرابع مع الحبر الأعظم البابا يوحنا بولس الثاني وصدور البيان عنهما في الإيمان المسيحاني المشترك بين كنيسة المشرق الآشورية وكنيسة روما الكاثوليكية في أواخر شهر تشرين الثاني( نوفمبر) 1994 نموذجاً رائعاً في إزالة الغشاء التاريخي الأسود الذي كان يغطي مفاهيم الوفاق والوئام القائمة بين الكنيستين الرسوليتين. وتأتي المباحثات الأخوية بين شقي كنيسة المشرق، الآشورية والكلدانية، الهادفة إلى إزالة الاختلافات بينهم نحو تحقيق الوحدة وإعادة أمجاد هذه الكنيسة التاريخية إلى الحاضر المعايش خطوة تطبيقية للبيان المسيحاني المشترك، وهو نفس الأمل الروحي الذي نأمل من لقائنا وتشاورنا مع الكنيسة السريانية الأرثوذكسية ومع بقية كنائس العالم في بناء أسس الوفاق والوئام بيننا. وكانت مقررات المجمع السنهادوسي لكنيستنا في صيف عام 1997 والخاصة برفع وإلغاء،ومن غير رجعة ، مخلفات الماضي الأليمة التي كانت تعكر الطبيعة الروحية النقية لكنيسة المسيح، تأكيداً واضحاً وصريحاً من كنيستنا في رغبتها الجامحة في الكشف عن الأسس الجوهرية لها في الوفاق والوئام والمحبة وبناء علاقاتها مع بقية كنائس العالم من أجل إقامة الصرح المسيحي الأخوي في كنائسنا نجتمع فيه جميعاً مع ربنا يسوع المسيح ونحقق ما قاله “حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي ، فأنا هناك في وسطهم” ( متى 18:20 ).

وانطلاقا من أيماننا العميق بهذه المبادئ المسيحية الطاهرة ومن هذا المنبر الحر أقترح أن تكون سنة 2000 سنة وفاق ووئام بين جميع كنائس العالم، وتحقيقاً للخطوة الأولى بهذا الشأن أقترح تشكيل مجلس أعلى لبطاركة كنائس المشرق السريانية وأترك تفاصيل هذا المقترح إلى المجتمعين في هذا المؤتمر للتداول فيها والبحث عن إمكانية الخروج بهذا المقترح إلى النور.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++
ألقي هذا الموضوع في المؤتمر الثاني للجبهة الثقافية السريانية المنعقدة في بيروت في 1/5/1998