السنهادوس (ܣܘܢܗܕܘܣ) حسب قوانين كنيسة المشرق
السنهادوس (ܣܘܢܗܕܘܣ) حسب قوانين كنيسة المشرق
القس الدكتور أبريم الخوري فيليبوس
ܣܘܢܗܕܘܣ (ܟܢܘܫܝܐ)، المجمع: عرفه الآباء في مجموعاتهم القانونية على أنه اجتماع كنسي، فيه يجتمع الرؤساء مع بعضهم او يجتمعون مع المؤمنين، وقد شرحوه ووضحوه بمثال من الطبيعة، عندما قالوا عنه، انه كاجتماع الشمس او القمر مع النجوم[1].
حسب القوانين هناك شكلان من الاجتماع:
الاول، اجتماع المؤمنين مع رؤسائهم، من أساقفة ومطارنة، مثلاً.
والثاني، اجتماع رؤساء الكنيسة فيما بينهم، كاجتماع الاساقفة والمطارنة مع بعضهم، اواجتماعهم مع رئيسهم البطريرك.
ويسمى كلا شكلي هذا الاجتماع، بالمجامع السنهادوسية[2]، الا أن المجامع السنهادوسية التي تتضمن الاساقفة والمطارنة مع البطريرك غالباً ما تدعى بالمجامع الكبيرة، العظيمة او المقدسة[3]، وعليه نستنتج ان العنصر الاساسي لكي يدعى اجتماع ما بالسنهادوس بان يكون مع الرئيس الكنسي سواء كان رئيساً محلياً كالاسقف اوالمطران او رئيساً عاماً كالبطريرك.
متى تسمى القوانين سنهادوسية وتكون سارية المفعول؟ هل القوانين او الكتب القانونية التي يضعها احد المؤلفين القانونين، الاساقفة، المطران او البطريرك تُسمّى قوانين سنهادوسية؟
إنّ أيّ قانون لا يتم إقراره او لا تتم الموافقة عليه في مجمع سنهادوسي، لا يعتبر قانوناً سنهادوسياً، وليس له مفعول على المؤمنين. فاذا كتب مؤلف ما، قانوناً او مجموعة قوانين، ووافق عليها الاساقفة والبطريرك في مجمعهم السنهادوسي، فعندها يتم إدراجها ضمن القوانين السنهادوسية للكنيسة، وتكون سارية المفعول على الجميع، مثل القوانين التي كتبها كل من ” مار طيماثيوس الاول، ايشوعبرنون، ايشوعبوخت، عبديشوع الصوباوي وغيرهم” والتي وافق عليها المجمع فيما بعد، وأُدرجت ضمن القوانين الرسمية للكنيسة، مع القوانين الأخرى التي تم اقرارها في المجامع الكنسية)[4].
غاية او اهمية المجمع: للمجمع دور مهم وأساسي في الكنيسة حيث يعتبر السلطة التشريعية الوحيدة في سَنّ، تغيير او إبطال القوانين الكنسية واصدار القرارات والتوجيهات حولها، كما وله سلطة قضائية حيث ،تصدر منه الاحكام النهائية بالاخص في القضايا المتعلقة بالاكليروس، كما وله دور تنظيمي وراعوي وايماني حيث من خلاله يتم وضع وتنظيم الطقوس و يُعنى بتنظيم الشؤون الإدارية والراعوية للأبرشيات ويتناول مسائل تخص الإيمان وتثبيت الإيمان القويم؛ وكما تناقش وتصلح فيه كل القضايا الخاصة والمهمة للبطريركية ولبقية ابرشيات والمؤمنين، وفيه تبطل كل الخلافات والشكاوي[5]. كما ومن خلاله يتم ترشيح واختيار البطريرك.
حدّدت القوانين السنهادوسية لكنيسة المشرق ثلاثة أنواع من المجامع، وهي: المجامع الأسقفية، المجامع المطرابوليطية و المجامع البطريركية.
ا- المجمع الأسقفي (الأبرشي): هو المجمع الذي يجتمع فيه الأسقف مع مؤمني أبرشيته أو مع الرهبان في الأديرة التي هي تحت سلطته الإدارية. وتقع على عاتق خورأسقف الابرشية إعلام وجمع المؤمنين والرهبان في هذا المجمع.
عدد المجامع وأوقاتها : أوجبت القوانين كل أبرشية من أبرشيات كنيسة المشرق أن يجتمع أسقفها مع مؤمني أبرشيته مرتين في السنة في مجمع رسمي، على أن يكون الاجتماع الأول في الشتاء والثاني بعد عيد القيامة[6]. بينما عليه أن يجتمع مرة واحدة في السنة مع رئيس ورهبان الأديرة الخاضعة لسلطته، وكلما رأى الخورأسقف أنّ ذلك ضروري[7].
المشاركون في المجمع: من حق وواجب المؤمنين واكليروس الأبرشية جميعاً أن يشاركوا فيه، كما ويجب أن يكون مع الأسقف في هذا المجمع أركذياقونه وخورأسقفه، أمّا مع الرهبان فيجتمع الأسقف مع الخورأسقف ورئيس الدير والرهبان.
غاية المجمع: غاية المجمع هي بالدرجة الاولى تنظيمية وراعوية، ففيه تصدر التوجيهات للمؤمنين وللكنائس ورعاياها لتنظيم الأمور المهمة والضرورية للأبرشية، وفيه يقدم المؤمنون الاحترام للأسقف ويشاركون معه في الأسرار الإلهية ويقبلون منه البركة[8]، و يقرأ عليهم الخورأسقف القوانين الكنيسة وقوانين الاديرة[9]. وإن أُهمل هذا النوع من المجامع في كنيستنا إلا أنه ضروري جداً للمؤمنين وللأبرشية والكنيسة بصورة عامة، ففيه تُنظم القضايا المهمة لخدمة الأبرشية وتُحلّ جميع الإشكالات وفيه يكون الأسقف قريباً من المؤمنين والاكليروس فتستمع الرئاسة الكنسية الى اقتراحاتهم وحاجاتهم إلى المجمع المطرابوليطي او المجمع العام مع البطريرك، فبهذا يشترك المؤمنون أيضاً بصورة غير مباشرة في المجمع العام برئاسة البطريرك من خلال توصيل حاجاتهم ومقترحاتهم.
ب- المجمع المطرابوليطي: بعد اجتماع أساقفة المدن الصغيرة مع مؤمني أبرشياتهم ومع الرهبان فقد أوجبت عليهم القوانين ان يجتمعوا مع مطرانهم في مكان يحدده المطران[10].
عدد وأوقات المجمع: حسب المجامع الشرقية ينعقد المجمع مرة واحدة في السنة وذلك في شهر أيلول[11]؛ وحسب القوانين الغربية والمسكونية فيكون المجمع مرتين في السنة؛ وقد حددت اوقات عقدها بعض القوانين، حيث أنّ الأول يكون بعد ثلاثة أسابيع من عيد الفصح، والثاني في منتصف تشرين الأول[12].
المشاركون في المجمع: يشارك في هذا المجمع كلّ أساقفة الأبرشية مع مطرانهم، كما يحق بل يجب ان يشارك فيه أيضا الخورأسقف والأركذياقون؛ حيث يوضع كرسي في وسط الأساقفة عليه الإنجيل والصليب، ويجلس الأركذياقون من اليمين والخورأسقف من اليسار[13] ، وبدون مشاركتهم لا يمكن للأسقف أو المطران عقد مجمع فيما بينهم أو مع المؤمنين[14]. لكن لا يحق للقساوسة وما دون درجتهم أن يشاركوا او يتنصتوا إلى المجمع وذلك تحت طائلة العزل والحرم[15].
غاية المجمع: ترتيب، تنظيم وإصلاح كل القضايا التي تخص الأبرشيات والأساقفة وفض وحل النزاعات والخلافات والمشاكل في الأبرشيات بين الأساقفة أو بينهم وبين الاكليروس والمؤمنين وإصدار الأحكام بحق المخالفين[16].
ج- المجمع البطريركي: بعد اجتماع أساقفة كل أبرشية مع المطران رئيس أبريشيتهم، فقد ألزمتهم القوانين ان يجتمعوا جميعاً في مجمع عام يجتمع فيه أساقفة ومطارنة كل الأبرشيات مع البطريرك رئيسهم الأعلى.
عدد وأوقات المجمع: هناك اختلاف بأوقات المجامع البطريركية وعددها بين القوانين الشرقية والغربية أو المسكونية؛ حيث يكون مرة بالسنة حسب القوانين الغربية[17]؛ أما القوانين الشرقية فنتيجة الاضطهادات وبعد المسافات ومخاوف الطرق فقد حددته القوانين كل أربع سنوات[18]. وكلما اقتضت الأمور او الحاجة التي يدعى اليها البطريرك. على أن يكون دائماً قبل الصوم الكبير من تلك السنة[19].
المشاركون في المجمع: يشارك في هذا المجمع كل الأساقفة والمطارنة في كل الأبرشيات، ففي هذا المجمع لا يحق للكاهن المشاركة فيه ولا حتى الخورأسقف والأركذياقون[20]. حيث يقوم الأسقف قبل البدء بالمجمع وينادي بصوت عال ومسموع كلّ من ليس أسقفاً ويبقى في هذا المكان موقوفاً بكلمة الله، كما ويكون موقوفاً كل من يسمع من الأبواب والنوافذ، عندها يغلق الباب ويبدأ المجمع[21].
إلزامية الحضور: تشترط القوانين السنهادوسية على الأساقفة والمطارنة جميعاً الحضور والمشاركة في المجمع وذلك تحت طائلة العزل، إلا في الحالات الاستثنائية المنصوص عليها في القوانين، أهمّها المرض والعجز وبعد المسافة[22]. ومع ذلك فكثيراً ما كانت ظروف البلاد القاسية وبعد المسافات وصعوبة الموصلات وعمر الأساقفة المتقدم تمنع حضور الكثير منهم[23].
هناك ستة مطارين أوجبت عليهم القوانين الحضور دائماً دون عذر، هم: مطران عيلام، مطران نصيبين، مطران البصرة، مطران آثور، مطران بيث كرماي، مطران حلوان. ومن الجدير بالذكر ان السنهادوس قد أكرم هذه الكراسي بان جعل رسامة البطريرك على يدهم[24].
المطارنة البعيدون: في حال كون المطارين البعيدين لا يمكنهم الحضور للمشاركة في المجمع البطريركي، نتيجة الاضطهادات أو مخاوف الطريق أو تقدم العمر مثل (الصين، الهند، فارس، ماروزايي، شام، بيث رازيقايي، سمرقند)، فهم ملزمون أن يرسلوا كلّ 6 سنوات رسالة الوحدة والطاعة والخضوع إلى البطريرك، وفيها يبينون أيضاً نشاطات وحالة أبرشياتهم والأمور التي تحتاج الى الإصلاح[25].
إلزامية القوانين والقرارات: إن القرارات والقوانين التي تصدر من المجمع يجب أن تُوقّع خطّيا وتُختم[26] من قبل جميع المشاركين، كما ويجب أن يحتفظ كل عضو من أعضاء المجمع المقدس بنسخة من القوانين والقرارات والأعمال، وعليه أن يسهر على تنفيذ وتطبيق ما تتضمنه[27]. وقرارات وقوانين المجمع تكون ملزمة أعضاء المجمع المقدس ولجميع الاكليروس والمؤمنين، ولا يحق لأحدهم أن يُظهر الموافقة إبان انعقاد المجمع، ثم يتنصل من مسؤولية التأييد والتنفيذ بعدئذ بحجة أنّه لم يكن موافقاً، لأنّ حرية إبداء الرأي مطلوب في المجامع. وقد وضعت المجامع عقوبات صارمة ضد من يعارض المجامع وقراراتها، فثمة الحطّ من الدرجة والتجريد من المنصب والإيقاف عن الخدمة وثمة الشجب والقطع عن الشركة والحرم[28].
القس الدّكتور أبريم الخوري فيليبوس
كاهن كنيسة مار عوديشو ومار قرداغ- بغداد
[1] ابن الطيب2, ق1, ص78؛ عبديشوع, مختصر القوانين السنهادوسية, ف1, ق1؛ عبديشوع, نظام الاحكام الكنسية, ف 4, ق2.
[2] عبديشوع, مختصر القوانين السنهادوسية, ف1, ق1.
[3] مجامع كنيسة المشرق, مار اسحق, ق1؛ مار يهبالاها ص 41-43؛ مار ابا, ق 14؛عبديشوع, مختصر القوانين السنهادوسية، ف 8, ق19.
[4] عبديشوع, مختصر القوانين السنهادوسية, ف1, ق1؛ ابن الطيب, فقه النصرانية ج2, ق1, ص78.
[5] عبديشوع, مختصر القوانين السنهادوسية, ف 8, ق19؛ ابن الطيب, ج1, ق15 ص115؛ ابن الطيب ج2, ق25 ص 126؛ مجامع كنيسة المشرق, مار اسحق, ق6؛ مار كوركيس الاول, مقدمة؛ مار طيماثيوس الاول, ق4..
[6] مجمع نيقية حددها قبل صوم الكبير وفي الخريف, قانون 5؛ ابن الطيب ج1, ق 5 ص 26؛ اما مجمع انطاكيا فقد حددها الاول بعد ثلاث اسابيع من عيد القيامة اما الثاني ففي 15 تشرين الاول: ابن الطيب ج1, ق 20 ص 64.
[7] عبديشوع, مختصر القوانين السنهادوسية, ف 9, ق 10.
[8] عبديشوع, مختصر القوانين السنهادوسية, ف 9, ق 10.
[9] عبديشوع, مختصر القوانين السنهادوسية, ف6, ق7؛ مجامع كنيسة المشرق, مجمع ايشوعياب, ق31.
[10] ابن الطيب, ق19, ص80؛ مجامع كنيسة المشرق, مجمع مار باباي 11.
[11] مجامع كنيسة المشرق, مجمع مار باباي ومجمع مارخزقيال ق 16؛ ابن الطيب2, ق22, ص126.
[12] عبديشوع, مختصر القوانين السنهادوسية, ف9, ق11؛ مجمع نيقية ق9, انظر عبديشوع, نظام الاحكام الكنسية, الباب1 الفصل 6 ق 9؛ ابن الطيب 1, ق20, ص64.
[13] ابن الطيب2, ق27, ص127.
[14] ابن الطيب2, ق27, ص127؛ ابن الطيب1, ق 67, ص 52؛ قوانين مار ايليا, قانون 68 من نيقية العربية.
[15] عبديشوع, نظام الاحكام الكنيسة القانون, الباب 1 الفصل 6, القانون 67.
[16] مجامع كنيسة المشرق, مجمع مار يوسف, ق 16؛ مجمع حزقيال, ق 16؛ عبديشوع, مختصر القوانين السنهادوسية, الفصل 8, ق19.
[17][17] مجمع نيقية, ق 9, انظر عبديشوع, نظام الاحكام الكنسية, الباب1, الفصل 6, ق 10.
[18] هناك تغير مستمر بعدد المجامع البطريكية في تأريخ كنيسة المشرق حيث تغير من مرتين في السنة الى مرة كل سنة او سنتين ثم واخيراً كل اربع سنوات, الا ان الكنيسة لم تلتزم بهذه المواعيد لاسباب التي تم ذكرها. انظر ابن الطيب2, ق28, ص128؛ مجامع كنيسة المشرق, مار اسحق, ق6 , مار باباي , مار حزقيال ق16, ايشوعياب, ق30.
[19] بعض القوانين في المجامع الاولى حدده في التشرين الثاني, الا ان مار باباي هو اول من جعله قبل الصوم الكبير؛ عبديشوع, مختصر القوانين السنهادوسية, ف 8, ق 19؛ مجامع كنيسة المشرق, مجمع مار باباي؛ ق11, مار حزقيال, ق15؛ مار ايشوعياب, ق 30.
[20] قديما كانوا المؤمنين وبقية الاكليروس ايضاً يشاركون فيه سواء ممثلين عن اسقفهم او عن الشعب, راجع, مجامع كنيسة المشرق الموقعون في نهاية المجامع, ابن الطيب2, ق27, ص127.
[21] ابن الطيب1, ق67, ص 52؛ قوانين ايليا, ق 68 من نيقية العربية؛ عبديشوع, مختصر القوانين السنهادوسية, ف8, ق19.
[22] ابن الطيب1, ق40, ص69؛ ابن الطيب2, ق26 ص 127؛ مجمع باباي في ابن الطيب1, ص94؛ مجامع كنيسة المشرق, مجمع ايشوعياب, ق27, ص30.
[23] ابن الطيب2, ق28, ص128.
[24] عبديشوع, مختصر القوانين السنهادوسية، ف 8, ق 19.
[25] ابن الطيب2, ق28, ص128
[26],انظر نهاية كل المجاميع.
[27] مجامع كنيسة المشرق, مار اسحق, ق 10؛ مار يوسف, ق6؛ مجمع ايشوعياب, ق34- 35.
[28] عبديشوع, مختصر القوانين السنهادوسية, ف 8, ق 19؛ نيقية, ق 3؛ ابن الطيب 2, ق26, ص127.