كنيسة كوخي

كنيسة كوخي

كنيسة في بلاد ما بين النهرين أسست على يد متلمذ المشرق مار ماري في القرن الاول الميلادي. تقع الى الجنوب من بغداد في منطقة المدائن عاصمة الفرثيين، التي كان سكانها اشد الناس تمسكاً بالوثنية.

تعود قصة بناء الكنيسة الى معجزة شفاء اخت الملك ارطبان الثالث واسمها (قنّي)، والتي كانت مصابة بمرض عضال يصعب الشفاء منه. فمنح الملك ارضاً في ضاحية قطيسفون اسمها كوخي ( وتعني الاكواخ) ليقيم فيها الرسول كنيسة كوخي، اصبحت لاحقاً، وبعد ان اكتسبت اهمية كبرى، مقراً لكرسي جثالقة المشرق.

تعرضت الكنيسة للتدمير ابان الاضطهاد الاربعيني على يد شابور الثاني، عام 341 وهي السنة التي استشهد بها مار شمعون برصباعي.

اعيد بناؤها لاحقاً لتصبح مقراً للكرسي البطريركي حتى عام 799 حيث قام البطريرك مار طيمثاوس الاول بنقل مقر البطريركية الى بغداد، عاصمة الدولة العباسية في عهد الخليفة المهدي (775-785) ليكون قريباً من بلاط الخلافة العباسية.

بسبب عدم استخدامها، تعرضت كنيسة كوخي الى الدمار وبقيت مندثرة لعدة قرون قبل اعادة اكتشافها من قبل بعثات اجنبية في القرن الماضي.

عام ألفين، أقامت كنيسة المشرق الاشورية قداساً في منطقة قريبة من كوخي بمناسبة الالفية الثالثة للمسيح بمشاركة رؤساء جميع كنائس المشرق.

المصادر:

  • كتاب المجدل – ماري بن سليمان
  • كتاب شهداء المشرق – الاب البير ابونا

مجادلة الراهب الجرجاني مع الشيخ عمر الصيني

مجادلة الراهب الجرجاني مع الشيخ عمر الصيني

الشماس نجيب دنخا

قال الشيخ عمر: اني مررت براهب وهو في صومعته فجرى بيني وبينه مؤانسة.

فقلت له: يا راهب لمن تعبد.

فقال: اعبد الله الذي خلق العالم بقدرته وألــَّفَ نظامه بحكمته. وقد حوت عظمته كل شيء. لا تبلغ الألسن وصف قدرته. ولا العقول لج رحمته. له الشكر على ما نتقلب فيه من نعمته التي صَحَّتْ بها الأبصار. وَرَعَتْ بها الأسماع. ونطقت بها الألسن. وسكنت بها العروق وامتزجت بها الطبائع.

فقلت يا راهب ما أفضل الحكمة؟

فقال: خوف الله؟

فقلت: وما أكمل العقل؟

قالَ: معرفة الانسان بقدرته.

قلت: ما يعين على التخلص من الدنيا؟

قال: ان تجعل بقية يومك انقضاءَ أملك.

فقلت: وما حملك على ان عقلت على نفسك في هذه الصومعة؟

فقال: لاحبس هذا السَّبع عن الناس ( وأوما بيده الى لسانه).

فقلت: من اين تعيش؟

قال: من تدبير اللطيف الخبير الذي خلق الرحى وهو يأتيها بالطحين.

قلت: لم لا تنزل الينا وتخالطنا؟

فقال: لان الأشياء الموبقة بأسرها بينكم والسلامة من ذلك انما تكون في الوحدة.

قلت: وكيف صبرت على الوحدة؟

فقال: لو ذقت حلاوة الوحدة لاستوحشت اليها من نفسك.

قلت: كيف لبست السواد؟

فقال: لان الدنيا دار مأتم وأهلها في حداد. وإذا حزنت الثكلى لبست السواد.

فقلت: كيف تذكر الموت؟

فقال: ما أطـرِفُ طرفة عين الا ظننت اني مُتٌّ.

قلت: مالنا نحن نكره الموت؟

فقال: لانكم عمرتم دنياكم وأخربتم آخرتكم. فانتم تكرهون النقلة من العمران الى الخراب.

قلت: يا راهب عظني.

فقال: ابلغ العظات النظر الى محلة الأموات. وفي تغيير الساعات والآجلات. وان شيعت جنازة فكن كانك المحمول مثل ذلك. ولا تنس من لا ينساك. واحسن سريرتك. يحسن الله علانيتك. واعلم ان من خاف الله اخاف منه كل شيء. ومن لم يخف الله خاف من كل شيء. واطلب العلم لتعمل به ولا تطلبه للتباهي اوتماري به السفهاء. وإياك والأهواء فإنها موبقة. والهرب الهرب من الجهل. والهرب الهرب ممن يمدح الحسنات فيتجنبها ويذم السيئات فيرتكبها. ولا تشرب المسكر فان عاجلته غرامة. وعاقبته ندامة. ولا تجالس من يشغلك بالكلام ويزين لك الخطأ ويوقعك في هذه الغموم. ويتبرأ منك وينقلب عليك. ولا تتشبه في طعامك وشرابك ولباسك بالعظماء ولا في مشيتك بالجبابرة. وكن ممن يرجى خيره. ولا تكن ممن يخاف شره. واعلم ان من أحبه الله ابتلاه. ومن صبر رضي الله عنه. وإذا اعتللت فأكثر من ذكر الله وحمده وشكره. واياك والنميمة فانها تزرع في القلوب الضغائن وتفرق بين المحبين. وانظر ما استحسنته من غيرك فامتثله لنفسك. وما أنكرته من غيرك فتجنبه. وارض للناس ما ترضاه لنفسك. فانه كمال الوصال والصلاح في الدين والدنيا. ثم قال اني استودعك لله واقرأُ عليك السلام. ثم انه نهض الى صلاته فسمعته يقول: الهنا تقدس اسمك تأتي ملكوتك. تكون مشيتك كما في السماء كذلك على الأرض. وارزقنا الكفاف يوما بيوم. واغفر لنا خطايانا وآثامنا. ولا تدخلنا في التجارب وخلصنا من إبليس لنسبحك ونمجدك الى الدهر الداهرين. ثم جعل يقول أيضا اللهم ان رحمتك كعظمتك. اللهم ان نعمتك أعظم من رجائنا وصنعك أفضل من آمالنا. اللهم اجعلنا شاكرين لنعمائك حتى تشتغل بذكرك جوارحنا وتمتلئ قلوبنا. اللهم أعنا على ان نحذر من سخطك ونبتغي طاعتك ورضاك. اللهم وفقنا للعمل بما نفوز به من ملكوتك. من اجل انه ينبغي لك العز والسلطان والقدرة.

قال الشيخ: فاستحسنت ذلك منه. وسألته ان يدعو لنا وانصرفت وانا متعجب من حسن مقاله.

من كتاب

مجاني الادب في حدائق العرب

الاب لويس شيخو اليسوعي – الجزء الثالث

هل الكنيسة هي نحن جميعاً ؟

هل الكنيسة هي نحن جميعاً ؟

الخوري حنا عيسى

للكنيسة تعاريف عديدة ومختلفة. فهي تعرف، أحياًناً، بالمكان الذي يجتمع فيه المؤمنون للصلاة في حين يعرفها آخرون، أحياناً، بجماعة المؤمنين. وأخيراً يعرفها البعض بالرؤساء ومن دون ما يسمى بالعلمانيين. فكان هذا التعريف الأخير سبباً في تهميش أو إقصاء شريحة واسعة من المؤمنين من حياة الكنيسة ورسالتها، مما حدا بالبعض إلى إطلاق عبارة شهيرة، هذه العبارة التي أود أن أتناولها في هذا المقال.

  1. الكنيسة هي نحن جميعاً.

ثمة عبارة شهيرة للغاية ألا وهي:”الكنيسة هي نحن جميعاً. والمقصود بهذه العبارة “نحن جميعاً” الصغار، الكبار، الرجال، النساء، الشباب والشابات. فكل هؤلاء المؤمنون ولاسيما المعمدون يؤلفون الكنيسة أو بتعبير آخر الكنيسة هي الرؤساء والشعب، هي القمة والقاعدة معاً.

بهذا الإيمان ولاسيما بهذا العماد المسيحي يمسي كل هؤلاء أعضاء أحياء، حقيقيون وكاملون في الكنيسة جسد المسيح، لهم مكانتهم ودورهم ورسالتهم. وما رسالة هؤلاء جميعاً، قمة وقاعدة، كل حسب موقعه، إلا رسالة واحدة ألا وهي رسالة حمل وإعطاء المسيح وإنجيله إلى العالم اليوم. تلك هي ميزة المسيحي الذي هو وحده القادر على إعطاء المسيح للآخرين.

ولكن، لكيما نفهم الواقع الحقيقي وراء إطلاق مثل هذه العبارة فلا بد أن نعيدها إلى إطارها أو سياقها التاريخي. فلقد قيلت هذه العبارة في وقت كان يتم تهميش أو إلغاء أو إقصاء أو اغتراب شريحة واسعة، عريضة وأساسية من المؤمنين ألا وهم العلمانيون. فجاءت هذه العبارة لتؤكد على حق هؤلاء جميعاً في إشراكهم في حياة الكنيسة ورسالتهم، إذ لا يمكن تصور كنيسة من دون كل المؤمنين، طالما أنهم جميعاً أعضاء فيها.

وستبقى هذه العبارة صحيحة، طالما يتم تهميش أو إقصاء أحد أو بعض المؤمنين من حياة الكنيسة ورسالتها. ولكن ستنتفي الحاجة إليها إذا ما تم إشراك جميع المؤمنين في هذه الحياة كما في هذه الرسالة.

  1. نشأة الكنيسة.

بيد أن الكنيسة لم ولا تنشأ بفعل إرادة البعض ذلك إنها ليست تنظيماً اجتماعياً أو اقتصادياً أو سياسياً وإنما الكنيسة هي تجمع أو جماعة المؤمنين، هذه الجماعة التي ولدت بفعل الإيمان بقيامة الرب يسوع المسيح من بين الأموات. فلولا القيامة، هذا الحدث الرئيس والحاسم في حياة يسوع المسيح، لما كانت الكنيسة ذلك أنها ولدت من رحم القيامة وبالتالي فهي بنت القيامة,

من هنا نفهم فرادة وخصوصية الإيمان المسيحي ذلك أن المسيحيين لا يؤمنون بوجود إله واحد حقيقي حسب بل بقيامة الرب يسوع المسيح ببعديه التاريخي والإيماني.

  1. الكنيسة مؤسسة.

أما من قاد، في البداية، هذا التجمع الإيماني فهم، ولاشك، الرسل أوائل المؤمنين بقيامة الرب يسوع. ومن ثم ظهر أنبياء في كنيسة القديس متى كانت تقوم مهمتهم على نقل كلمة الله وترئس الافخارستيا. ففي شأن الأنبياء يعطي كتاب الديداكي القريب من هذه الكنيسة مواصفات للتمييز بين النبي الحقيقي والنبي الكاذب. أما بالنسبة إلى الافخارستيا فهو يكتب قائلاً: “ليشكر الأنبياء ما طاب لهم الشكر” كما ظهر الشيوخ وأخيراً الشمامسة والأساقفة الذين يشير إليهم كتاب تعليم الرسل الأثني عشر إذ يكتب قائلاً: “وهكذا انتخبوا لكم أساقفة وشمامسة، رجالاً مختبرين جديرين بالرب ودعاء، سالكين في نزاهة واستقامة لأنهم يؤدون لكم خدمة الأنبياء والمعلمين”.

بيد أن التطور التدريجي والمراحل التاريخية التي مرت بها الكنيسة فرضت على هذا التجمع أو هذه الجماعة أن يتخذ شكل مؤسسة فسميت بالمؤسسة الكنسية شأن كل المؤسسات الأخرى، هذه المؤسسة التي لها قادة وقوانين وأنظمة خاصة بها تزداد بمرور الزمن.

وفيما تعاقب وما يزال يتعاقب المؤمنون في هذه الجماعة، فإن هذه المؤسسة ستبقى قائمة، دائمة، ثابتة وضرورية، على الرغم من ثقلها وصعوبة تقبلها الجديد والتجديد في حياتها.

وإنه لمن الضرورة بمكان احترام هذه المؤسسة وكذلك احترام استقلاليتها لتؤدي مهمتها أو رسالتها التي من أجلها قامت هذه الجماعة- المؤسسة.

عظمة سر التقوى

عظمة سر التقوى

الشماس نجيب ننو

“عظيم هو سر التقوى، الله ظهر في الجسد” ( ا تي 3: 16 )

 

تتميز المسيحية عن باقي الاديان بعقيدة تجسد الله في الانسان وهذه العقيدة الجوهرية والخلاصية، تسمو على مجرد كونها صلة او حضور لله مع الانسان، بسبب كون التجسد مرتبط بالتدبير الالهي الذي بلغ كماله، في الفداء على الصليب، ومن ثم بالقيامة من الاموات وبلوغ حياة جديدة في الملكوت الأبدي.

 

ان اعظم ثمار سر التجسد هذا تكمن في نوالنا سلطاناً ان نكون ” اولاد الله” ( يو 1: 12 ) وهذا الامتياز الارضي الحالي، اعطي لنا تمييزاً عن “اولاد العالم” في سلوكنا وايماننا وطريقة حياتنا او نهايتنا على الأرض، فمع تأسيس المسيح للكنيسة في يوم الخمسين ” العنصرة” ، كٌشـِفَ مخلصنا علناً “السر المكتوم منذ الدهور في الله” (اف3: 9 )، لتصبح الكنيسة بناءا شامخاً للملكوت تمتد من الأرض الى أعماق السماء.

الرسول بولس يسمي هذا التجسد، سراً، لاننا لا نستطيع ان ندرك مكنونات هذا الاتحاد بين اللاهوت والناسوت، من جهة، وكون الله قبل التجسد كان غير منظوراً لخليقته ” لم يره أحد من الناس، ولا يقدر أن يراه” (ا تي 6: 16 )، من الجهة الاخرى، فقبل التجسد لم تكن للانسان معرفة بالله الا من خلال اعماله في الخليقة، ومع مجيء يسوع الى الارض، كشف لنا الانجيلي يوحنا في اصحاحه اللاهوتي الاول عندما قال ” الكلمة صار جسداً وحل بيننا و رأينا مجده مجدا” (يو1: 14)، ان الطبيعة الالهية قد صارت منظورة للبشر من خلال يسوع المسيح. وهذا ما نادى به اشعيا النبي اشعيا قبل سبعة قرون من المسيح عندما كشف لنا ان ” اسمه عمانوئيل” ( إش14:7) “ والذي تفسيره ان الله معنا” ( متى23:1)، ونصوص العهد الجديد مليئة بهذه الشهادة “الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رايناه بعيوننا الذي شاهدناه و لمسته ايدينا من جهة كلمة الحياة” ( 1 يو 1:1 ).

تجسدت الكلمة وصارت جسداً ليقودنا يسوع عبر جثسيماني وعن طريق الباب الضيق للصليب الى الملكوت السماوي بعد ان تم تحرير الانسان من عبودية الخطيئة.

حسب اعلان العهد القديم ” ان الله لا يراه احد ويعيش” ( خر 33: 20 ) وهذا ما اكده العهد الجديد ايضاً في يوحنا عندما قال ” الله لم يره احد قط” ( يو 1: 18 ) ولكن مع التجسد “راينا مجده مجدا” (يو1: 14 )، فيا للعجب، فقد تجسد اللامنتهي في عالم زمني منتهي. تجسد من لا يحده مكان، في مكان محدود في بيت لحم، فلولا التجسد لما نلنا التصالح مع الله بسبب عصيان الإنسان الاول وتكبده للخطيئة.

شهداء الأيمان في كنيسة المشرق

شهداء الأيمان في كنيسة المشرق

مسعود هرمز النوفلي

مقدمة

كنيستنا هي كنيسة الشهداء ، ولكن ماهو السبب الذي يجعلنا أن نقول ذلك ؟ لننظر الى الرب له المجد الذي أعطى جسده طوعاً وقُرباناً على الصليب ونال العقوبة التي ما كان يستحقها ، انه الشهيد الأول وبكر الشُهداء في الجسد ، أطاع الجلادين ولم يرفض الحكم الصادر بحقه من أجل اكمال مُخطط أبيه السماوي ، هكذا هو كلُّ شهيدٍ أعطى جسده من أجل الأيمان المسيحي عندما التحق مع الرب في نفس المعنى من أجل المحبة الخالصة للمسيح ومن أجل الوفاء لأسمهِ المُمجّد وعدم نكران الكلمة الحقّة لأجل اكمال المشوار الزمني الذي خططه الرب لنا.

بدأ اضطهاد المؤمنين بالمسيحية منذ ظهورها

لقد بدأ أضطهاد المسيحيين في البداية من بعض أبناء المجتمع اليهودي الصغير آنذاك وخاصة من قبل رجال الدين والكتبة والفريسيين والعشارين الذين كانوا ينظرون الى المسيح نظرات الأستهزاء والإهانة ، انتقلت إهاناتهم لجميع أتباع المسيح ومنذ ذلك التاريخ بدأت حملات الملاحقة والمضايقة لكل من آمن بالرب وقد استشهد من استشهد وإنزوى الآخرين في العبادة بسرية تامة خوفاً من القتل والتصفية . بدأ الرسل في التبشير ووصلت المسيحية الى بلدنا في القرن الميلادي الأول على يد مار توما الرسول ومار أدي وتلميذه مار ماري الذي قام بتشييد أول كنيسة في بلدة كوخي في المدائن أيام الحكم الفرثي للعراق وذلك في الثمانينات من القرن الميلادي الأول ، وفي نهاية ذلك القرن بدأ كسرى ملك الفرس بمضايقة المسيحيين وقتلهم واستمر المسلسل قروناً عديدة الى أن تتوج الحقد الأعمى بالأضطهاد الذي استمر أربعون سنة والمشهور بالأضطهاد الأربعيني الذي راح ضحيته ألآلاف من إخوتنا وأخواتنا شهداء قديسين يشكون الى الرب الظلم والقسوة ومختلف أنواع التعذيب الجسدي . كانت الكارثة الكبرى تلك في حدود سنة 339م . وقد أعطى المؤمنين شهداء آخرين بعد وصول الحكم الأسلامي وانتشاره ولم يتوقف الى أن جاءت الفترة المظلمة بالكراهية بحق الأيمان والمؤمنين وهذه المرة من المغول والتتر الذين حرقوا الكنائس والأديرة والقرى وسكانها وحدثت مآسي لا توصف من حيث التدمير والتخريب بحق المسيحية حيث كان يتوقع كل مسيحي الأستشهاد الفوري . والى فترة أخرى وأقسى بعد التبشير الكاثوليكي ودعم البعض من جيران العراق وابنائه من الأتراك والأكراد للهجوم والتنكيل بكل ماهو مسيحي وخاصة في الموصل وشمال العراق وجنوب تركيا وأعطت المسيحية مرة أخرى الآلاف من أبنائها البررة مع شديد الأسف (المصدر 1) ولم تتوقف حملات الأبادة وإنما استمرت الى قبل أقل من قرن والى يومنا هذا ودماء أعزائنا تروي أرض بين النهرين (المصدر 2). وعلينا ومن حقنا أن نسأل هل سيستمر النزيف ؟ نتمنى أن لا يكون ذلك ولكن ليس في اليدِ حيلة كما يقول المثل ، طريق الآلام والجلجثة مفتوح ولا هناك في الأفق من ينقذ شعبنا العظيم الصابر المتألم .

الشهيد يحبُّ الرب أكثر من حُبِّهِ لنفسهِ

لماذا تُراق الدماء وطريق الشهادة مُستمر بدون انقطاع ؟ وهل الذين يُكرّسون حياتهم للمسيح ويُدافعون عن بذور الأيمان ونشر الخير عليهم أن يدفعوا ثمن ذلك ويستحقون الموت ؟

أسئلة عديدة ومعانيها عظيمة ولا تُحصى والأجوبة عليها مُعقدة ومتشابكة لأن مُعاناتنا مع الشر والأشرار مُستمرة بلا انقطاع ، هكذا ستستمر الأرواح البريئة بتقديم التضحيات الى ما لا نهاية في سبيل الحق والطريق والحياة والسبب الجوهري هو ما يقوله الرب لنا في لوقا 14 : 26 ” مُنْ يأتي اليَّ ولا يُبغض أباه وأمه وإخوانه وأخواته وامرأته وأبناؤه وحتى نفسه, لا يستطيع أن يكون تلميذا لي.”[i] كم هو عظيم قول الرب الذي يعطينا الدليل وبدون أية مُناقشة ، لا يوجد انسان يكره نفسه ومهما يكُن أعتزازه في مقدرته وصورته ومحبته للآخرين فانه سيكون مُقصراً وناقصاً إذا لم تكن محبته للمسيح أكثر وأشمل من أي حُبٍ آخر ، وعندما يتحلى بتلك الصفة فانه حقاً سيصبح تلميذ المسيح لأنه سيتعامل مع الأرادة الربانية التي تُقرر ذلك . التصاق الأنسان بهذه الفكرة وتطبيقها بايمان وقناعة ستقوده الى تحمُّل كافة أنواع العذاب والجلجثة من أجل المسيح وبالتالي سيندفع لنيل الشهادة بكل فرح وسرور ، هكذا كان شهداء كنيستنا المشرقية بصفاتهم وتحدّياتهم وانتصاراتهم عبر التاريخ ، كان أحدهم يُشجّع الآخر لنيل اكليل الأستشهاد وعدم التخلي عن الأيمان منذ فجر المسيحية مروراً بكافة القرون المظلمة والى الوقت الحاضر كانوا ينكرون ذواتهم ويُقدّمون أرواحهم كالشمع الذي يحترق في النار والظلام ولنا أمثلة كثيرة من شهداء سميل وصوريا . (المصدر 3) .

كيف تعامل القتلة مع الشهداء؟

عند النظر الى تاريخ كنيستنا نقرأ ونلاحظ بأن الحُكام الوثنيين والمسؤولين عن الشعوب قد استخدموا كافة انواع التعذيب وأبشعها صورة في القتل الجماعي والفردي . كان القتلة يستخدمون السلاسل لربط الشهداء الأبرياء ، يضربون القديسين بالحبال والأخشاب والسكاكين والخناجر والسيوف ويسرعون بالضرب على السيقان الطرية والأفخاذ والجوانب والوجوه والرؤوس ويتبارون وكأنهم يصطادون الفريسة في الغابة وما كانوا يشبعون من ذلك وإنما كانوا يستعملون أنواع الحروق والكيات الجسدية والألقاء في النار المتقدة لهذا الغرض الى أن ينتهي الجسد ويتمزق إرباً إربا ، هكذا كان يتعامل الحاقدين على المسيحية وأتباع المسيح الحي . أحياناً كانوا يتهمون الشهداء بعدم الولاء للحاكم وأحياناً اخرى بعدم السجود للأصنام واحياناً بالتلفيق ضدهم بانهم جواسيس الرومان والكثير من التبريرات الأخرى المتنوعة التي كانوا يقومون بتأليفها من أجل النيل من عزيمة الشهداء والأنقضاض عليهم بالسيوف والتلذذ بدمائهم . (المصدر 4) .

لماذا يستمر الأضطهاد والكراهية للمؤمنين في كنيستنا ؟

1- ظلم الحكام الغير المؤمنين وتحيّزهم الى عقيدة ضد الأخرى مما يعطي المُبررات القوية لأعداء المسيحة بالتحرك وتنفيذ المآرب الخاصة التي تصل الى القتل والأغتصاب.

2- عدم الأيمان بحرية الفكر والعبادة عند البعض حيث تؤدي الحالة الدكتاتورية عندهم الى تمزيق كل من هو مُخالف لهم في الرأي أو من دينٍ آخر .

3- كثرة العقائد الدينية في البلدان التي لا تؤمن بالتعددية يخلق حالة من الفوضى وعدم استطاعة الدولة الغير المُستقرة لضبط حركة الشعب وبالتالي يبدأ التمزق والقتل على الهوية الدينية .

4- اطلاق البعض من الراديكاليين والمتعصبين الدعوات والحجج من أجل الحاق وضم المسيحيين لخانة ايمانهم ودينهم . يكون هؤلاء في أغلب الأحيان من القبائل والعشائر الذين يكرهون كل ماهو جديد من عمل وتطوير وطرق العبادة الخاصة بالغير . حيث يقوم البعض منهم بتفسير ما ورد في كُتبهم عن غير المؤمنين بدينهم بأنهم من الكفرة والضّالين ويستحقون أقسى العقوبات مما يعطي الكثير من المبررات للبعض بتنفيذ مآربهم الدنيئة ضد المسيحيين .

5- غياب الديمقراطية وعدم الأعتراف بمساواة المواطنين ، حيث توجد مجاميع كثيرة لا تؤمن بالنهج الديمقراطي وتنظر الى الآخرين من أديان أخرى وكأنهم من الدرجة الثانية وعليهم دفع الغرامات وما يُسمى بالجزية من أجل الحماية والدفاع عنهم والذي لا يلتزم بقوانينهم يكون مصيره القتل والخطف والأعدام أو التهجير .

الخلاصة

كما كان ينحني الشهداء امام جلاديهم وقاتليهم ، هكذا نحن ننحني اليوم أمام ذخائرهم القديسة وقبورهم التي تحوي عظامهم المباركة ، طالبين منهم الشفاعة والتضرع إلى الرب بدلاً عنا لكي تُساعد صلواتهم وشفاعاتهم المؤمنين وتعطيهم القوة والصبر الى الأخير من أجل نشر الأيمان ، وكما رفع الرب خطيئة العالم بالصليب هكذا أصبح شهداء كنيستنا يحملون كل خطايا الملوك والرؤساء والمتعصبين وحاملي الرايات الشيطانية انهم أعظم من عندنا جميعاً وعلينا أن ندعو الرب لمساعدة الجميع وغفران الخطايا كما غفر الى الذين ضربوه وصلبوه وأغرزوا الرمح في جنبه ، كما غفر لهم وهو على الصليب وقال ” انهم لا يعلمون ماذا يفعلون ” هكذا نحن لنغفر الى من يسيء الينا كما تُعلّمنا الصلاة التي علّمنا أياها الرب .

وختاماً تقول الصلاة ” عمل الشهداء الجبابرة اعجوبة عظيمة عندما شاهدوا السيوف تلمع والجلادين ينحنون فلم يخافوا ولا ينثنوا من الحُب الكبير لربِّهم وقبلوا الموت وكأنه تكريماً لهم ولم يتركوا ايمانهم ” . المصدر (4) صلوات الخميس عصراً . صلوا من أجل شعبنا أيها الشهداء القديسين الكرام ليحفظه ويوحّده في كنيسته المشرقية الى الأبد آمين .

28/9/2010

المصادر:

(1) : سير أشهر شهداء المشرق القديسين ، ترجمة أدي شير ، طبع الموصل 1906م.

(2) : شهداء المشرق ج1 ، البير أبونا ، بغداد 1985م .

(3) : من مآسي المسيحيين في العراق ، سرمد القس ، لندن – مجلة القيثارة 2009م .

(4) : كتاب الصلوات قذام واثر ، طبع بغداد 1998م .Listen

Read phonetically

Dictionary – View detailed dictionary

[i] الترجمة عن الفشيطتا

دياطسرون

دياطسرون

دياطسرون، او ذيا طاسارون، dia Tessaron وهي كلمة يونانية تعني ” من الاربعة”.

هو كتاب قائم على ضم الاناجيل الاربعة متى، مرقس، لوقا ويوحنا في كتاب توافقي واحد. يعتمد على ذكر حياة واعمال سيدنا المسيح على الارض مع مراعاة حذف الآيات المكررة واعادة ترتيب نصوصها بصياغة جديدة تراعي الإنجيل الأصلي قدر المستطاع، ليتألف بذلك كتاب يصل حجمه الى ثلاثة ارباع البشائر الأربعة مجتمعة ً.

مؤلفه هو تاتيان الاشوري، وهو اول فيلسوف في بلاد ما بين النهرين. ولد تاتيان في مدينة حدياب ( اربيل الحالية) عام 120م من ابوين وثنيين. لتبحره في العلم، قصد روما لدراسة الفلسفة وهناك التقى القديس يوسطينوس واهتدى الى المسيحية على يديه، ليكمل مشواره الفلسفي بدراسة اللاهوت ايضاً.

وهناك الف كتابين احدهما دياطسرون. ولافكاره التي حملها تعرض الى مضايقات في روما الوثنية اضطررته الى العودة الى بلاد اشور عام 166 م.

في حدياب، اعاد كتابة الدياطسرون باللغة الارامية فاستخدمت على نطاق واسع ولمدة قرنين من قبل الكنائس في بلاد ما بين النهرين وسوريا.

توفي تاتيان الاشوري في عام 173م.

في عام 435 منع اسقف الرها ” ربولا ” تداول هذا الكتاب لتحل محله الكتب المنفصلة للانجيل.

تمت ترجمة الكتاب من قبل العلامة المسيحي أبو الفرج عبد الله بن الطيب “ت 1043م” الى العربية ومنها ترجمت الى اللاتينية والانكليزية والفارسية.

يعتبر كتب دياطسرون مصدراً مهماً من مخطوطات الكتاب المقدس.

كتاب دياطسرون متوفر على شبكة الانترنت باللغتين العربية والانكليزية.

على موقعي google book

http://www.ccel.org/

المصادر

تاتيان الآشوري …الفيلسوف الأول في بلاد الرافدين، فؤاد يوسف قزانجي …..جريدة الزمان

تاريخ كلدو واشور

إصدارات جديدة

إصدارات جديدة

اصدر الكاتب يوسف داود كتاباً جديداً حمل عنوان ” الموسوعة الاشورية” والذي يتضمن تاريخ كنيسة المشرق الاشورية للفترة 33-2010م.

الكتاب يقع في 228 صفحة اصدره الكاتب في الذكرى الرابعة والثلاثين لاعتلاء قداسة البطريرك مار دنخا الرابع على السدة البطريركية لكنيسة المشرق الاشورية.

يتناول الكاتب بالبحث والتحليل تاريخ كنيسة المشرق، امجادها ،امتدادها ومآسيها، سلسلة البطاركة، ومحاولات تقسيم الكنيسة، سير آباء الكنيسة، ولقاءات قداسة البطريرك مع توثيق الاحداث بالصور.

اسئلة واجوبة في تفسير القداس الالهي

اسئلة واجوبة في تفسير القداس الالهي

الاركذياقون قرداغ حنا حكيم

 

تفسير القداس الالهي للراهب يوحنا برزوعبي ( القرن 12-13)

 

  • بعد الانتهاء من الصلاة الربانية التي علمها الرب يسوع المسيح لماذا يبدأ القداس بمرميثا واحدة من مزامير داود الملك؟

الجواب: نتعلم بأن المسيح هو واحد (إبن الله) ومن بيت داود الملك من مريم العذراء التي حبلت من كلمة الله ومن دون زواج أو دنس اذ بلاهوته ولد من الاب قبل كل الازمنة وبناسوته ولد من مريم العذراء في اخر الازمنة. ( لو 1 : 32) ) لو 35: 1).

 

  • لماذا تؤخذ هذه المرميثا من المزامير القديمة؟

الجواب: لكي نتعلم أن جسد يسوع مأخوذ من العهد القديم لانه كما تنبأ الانبياء بقدومه.

 

  • لماذا رٌكِّبَتْ المرميثا من ثلاثة مزامير؟

الجواب: لنتعلم بأن الاسم المسجود للمسيح متكون من ثلاثة اسرار كامنة فيه. وهو من الاب الذي مسحه والابن الممسوح وبمسحة الروح. وهنا نفهم بأن انسانية المسيح هي النفس ، الجسد والعقل الذي يقتني كل المفاهيم وان علامته مخفية في المرميثا التي تقال في بداية القداس وبهذا يحطم هرطقة الكافرين بالجسد والنفس والعقل الانساني في الرب.

 

  • وما هو الهدف من تقسيم المرميثا الى ثلاثة اجزاء وثلاثة مزامير؟

الجواب: لان الناموس اكتمل بثلاث وثلاثين سنة التي اكتملت بالتدبير لذا نقول الان بأن الناموس هو كياني، ومكتوب وهو روحاني الناموس، هو كياني لانه مكتوب فاكتمل بثلاثين سنة قبل عماذه والروحاني كشف واكتمل بثلاث سنوات بعد عماذه.

 

  • لماذا تردد كلمة “هلللويا” عند قراءة كل مقطع؟

الجواب: لانها ترمز الى تسبيح الملائكة التي رتلت اثناء ولادة الرب يسوع ( لو2 : 14 ).

 

  • لماذا تقوم الكنيسة بتغيير الالحان عند انتهاء كل مرميثا وبعد الميامر؟

الجواب: لان في ذلك رمزاً الى تغيير الناموس بقدوم يوحنا المعمدان ( لو 3 : 2)

 

  • لماذا نسبح ( المجد للآب والإبن والروح القدس) في هذه الاثناء؟

الجواب: تعريفاً بظهور الثالوث الاقدس الموحد بالرب في يوم الدنح ( العماذ ) لان الاب يعلن، والابن يعتمذ، والروح القدس يرفرف. ( لو 3 : 22).

 

  • لماذا يرتل البيت الاخير بصوت عالي؟

الجواب: يرمز الى صوت يوحنا الغير المعروف الذي لم يسمعه البشر هكذا كان الابن الكلمة مخفياً في الجسد ولم يعرف الى ان كشفه يوحنا. وحسناً قال عنه كإبن عاموس عندما صاح بصوته وعضد الناس ليروا كلمته المخفية بالجسد.

 

  • الى ماذا ترمز ترتيلة قنكي؟

الجواب: ترمز الى أمرين الأول وهو روحاني عندما نظر أولئك الناس وقدموا التسابيح، والأمر الثاني عندما قال يوحنا هوذا الذي يأتي وينظف الخطايا ويمحو الذنوب ( الرب يسوع). ( لو 3: 17)

 

  • الى ماذا يرمز اخراج الصليب من قدس الاقداس؟

الجواب: يرمز الى خروج الرب يسوع الى البرية ليجرب من الشيطان.

 

  • الى ماذا يرمز قانون صلاة لاخومارا ( اياك يا رب الكل نشكر…)؟

الجواب: يرمز الى سر اعتراف الرسل بالرب يسوع لما بدأه شمعون الصفا أي بطرس السؤال الذي قال: (أنت هو المسيح ابن الله الحي) وهكذا معه جميع الرسل ( متى 16: 16 )

 

  • لماذا تحمل شمعتان في تطواف الصليب؟

الجواب: تحمل الشمعتان لتعظيم الصليب النوراني لان به تم عهد النور ومنه منبع النور الممجد، وفي تعليمه ثبت العهد الجديد الذي هو من العهد القديم.

 

(13) لماذا توضع البخور في صلاة لاخومارا ( إياك يا رب الكل)؟

الجواب: لتجسيد سر الفرح الذي غمرنا به الرب للإعتراف باسمه.

 

  • الى ماذا ترمز صلاة قدوس الله …..؟

الجواب: ترمز هذه الصلاة الى الملائكة الذين قدموا وخدموا الرب بعد محاربته للشيطان.( متى 4:11)

 

 

 

 

ماذا يقول الكتاب المقدس بخصوص اضطهاد المسيحيين

ماذا يقول الكتاب المقدس بخصوص اضطهاد المسيحيين

  • “اننا نحن أنفسنا نفتخر بكم في كل كنائس الله من اجل صبركم وإيمانكم في جميع اضطهاداتكم والضيقات التي تحتملونها” ( 2 كو 4 – 5 ).
  • “كما اشتركتم في آلام المسيح افرحوا لكي تفرحوا في استعلان مجده ايضا مبتهجين. ان عيرتم باسم المسيح فطوبى لكم لان روح المجد والله يحل عليكم” ( 1 بط 4 : 13-15 ).
  • “جميع الذين يريدون ان يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يضطهدون” (2 تيمو 3 : 13 ).
  • “ان كان العالم يبغضكم فاعلموا انه قد ابغضني قبلكم لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته ولكن لانكم لستم من العالم بل انا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم” ( يو 15 : 18-19 ).
  • “فرجاؤنا من اجلكم ثابت.عالمين إنكم كما انتم شركاء في الآلام كذلك في التعزية أيضا” ( 2 كو 1 : 7 ).
  • ” اذكروا الكلام الذي قلته لكم ليس عبد أعظم من سيده. ان كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم” ( يو 15 : 20 ).
  • “لذلك اسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لاجل المسيح. لاني حينما انا ضعيف فحينئذ انا قوي” ( 2 كو 12 : 10 ).
  • “طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة.لانه اذا تزكى ينال اكليل الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه” ( يع 1 : 12 ).
  • ” افرحوا وتهللوا.لان أجركم عظيم في السموات” ( مت 5 : 12 ).
  • ” ان الام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد ان يستعلن فينا” ( رو 8 : 18 )
  • لقد صبر اخوتنا على ألم ساعة، ثم فازوا بحياة أبدية. وهم في عهد الله” (2 مك 7 : 36)
  • “وسيمسح الله كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون فيما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع فيما بعد لان الامور الاولى قد مضت” (رؤ 21 : 4 ).

لماذا الزواج؟ لماذا الطلاق؟

لماذا الزواج؟ لماذا الطلاق؟

الخوراسقف اشور لازار

“فَخَلَقَ اللهُ الانْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ، عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ، ذَكَرا وَانْثَى خَلَقَهُمْ.
وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: اثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلاوا الارْضَ وَاخْضِعُوهَا” (تك 1 : 27-28)

تكشف لنا هذه الايات عن بركة الهية اعطيت للانسان في مقدمة سفر التكوين اثناء لحظة الخلق، فالانسان خُلِقَ على “صورة الله”، أي بمعنى انه مخلوق فريد ومتميز بسبب تقبله نسمة الحياة من فمه، ولهذه الصورة دلالات في الجانب الروحي والايماني، لكون الانسان كائن حي ناطق حر ومفكر، فيبدو لزاماً واكراماً لهذا التفوق بين المخلوقات، ان يقوم باعمال تليق بهذا التميز للمحافظة عليها، من اعمال البر كالصدقة والصوم والصلاة، وهذا ما لا نجده في الكائنات الاخرى.

ان الرجل وحده او المراة وحدها ليسا “صورة الله”، لان الصورة تكمن في كليهما، فكلما كان الانسان على مثال “صورة الله”، كان اقرب الى قداسة الله، والعكس صحيح، فكلما ابتعد عن حفظ “صورة الله” فيه، ازدادت الخطيئة وعواقبها التي تؤدي به الى التعاسة والانغماس في شهوات مهلكة. يكمن واجب الرجل والمرأة في اكرام واحترام هذه الصورة فيهما، وحفظها بعيداً عن لوثة الخطيئة والشر.

خلق الله الانسان في اليوم السادس قبل يوم الاستراحة بيوم واحد، بعد ان سبقته عملية خلق السماء والارض وما تحويانه، فباركهم وقال لهم بصيغة الامر، لتنفيذ اربعة افعال: ” اثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلاوا الارْضَ وَاخْضِعُوهَا” (تك 1 : 28)، وهذا دلالة واضحة الى المشورة الالهية القاضية بسن ناموس طبيعي ثابت للإنسان، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالوجود.

هذا الوعد لم يُنْقَضْ عندما ازدادت الخطيئة على وجه الارض في زمن نوح وتشوه بذلك الإنسان “صورة الله” على الأرض. فمع حدوث الطوفان كعقاب الهي للبشر، صدر تأكيد ثان من الله للإنسان عندما اخبرنا الوحي الإلهي من خلال نوح وبنيه ” وبارك الله نوحا وبنيه وقال لهم أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض” (تك 9: 1).

” ليس جيدا أن يكون آدم وحده . فاصنع له معينا نظيره ” ( تك 2: 18)

خلقت حواء من ضلع ادم ولم تخلق من التراب كما خلق هو، وفي هذا الفعل، دليل مساواة ومحبة متبادلة وتضحية من اجل الاخر، فيكون لكليهما وان كانا منفصلين، جسداً واحداً، فيعيشان ملتزمين بعضهما البعض طوال سنين حياتهما. وتلك كانت رسالة السماء للإنسان بعد ان باركته وطلبت منه الإثمار والإكثار وملء الارض. فرسالتها تهدف الى ادخال الفرح والسعادة الروحية للانسان، من خلال عمل الروح القدس في الاتحاد والشراكة.

“لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً” (تكوين 2:24)

من هنا يبدأ تأسيس سر الزواج، كنظام إلهي (تكوين1: 28) مبني على المساواة والتفاهم والتكامل بين الطرفين، وهذا هو فكر الخالق تجاه المخلوق. الزواج هنا هو العودة الى الوحدة، عودة التحام الضلع الذي أُخذ من آدم، فكوّنا معاً، الإنسان، ” صورة الله”. هدف هذا التقارب، السمو بالمحبة البشرية الى حدود المحبة الالهية.

ان الزواج نظام اجتماعي مهم على الارض، قائم على رباط روحي طاهر بين مؤمنين مسيحيين أساسه الحب وليس الشهوة او الغريزة لانه فعل تكريس لحياة المسيح في الاسرة، بسبب كونه التزام جاد امام الله، ومن دون الله لا معنى للزواج او أي ارتباط آخر. فليس الزواج تهرباً من حالة عزوبية، او مرحلة استقرار مريحة يحلم بها الشاب اوالشابة، بل هي دعوة الى الوحدة بين الاثنين وارتباط مصيري يقوده نضج عقلي وانسجام روحي لما تبقى من العمر ووعد ابدي يتعهد به الاثنان الى السير في السراء والضراء باتجاه الحياة الأبدية.

“ويترك الرجل اباه وامه” (تك 2 : 24) هي وصية الهية اعطيت للرجل اولا، في العهد القديم، عاد المسيح واكدها في انجيل متى “وقال.من اجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا.  إذا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد” (مت 19: 4-6)، ففعل الترك، يعقبه فعل اللصق، أي بمعنى ان الرجل والمراة يكونان جسداً واحداً.

“ما جمعه الله، فلا يفرّقه الإنسان” (متى  19 : 6)

بارك يسوع المسيح الزواج بحضوره إلى عرس قانا الجليل، وهناك صنع أولى معجزاته بتحويله الماء خمراً ( يو 2 : 1-11(. ان مقولة السيد المسيح اعلاه ترفع العلاقة بين الرجل والمراة الى درجة سامية. وتجعل الزواج واسطة أو فعل لنيل البركة والنعمة من الروح القدس. فالاتحاد في الزواج هو وسيلة للتواصل في حياة مشتركة مقدسة تسمو على الشهوات، وغايتها استمرار وجود الجنس البشري على الارض (تك 9 : 1). وهي دعوة الى الهرب من الموت الابدي من خلال العيش في القداسة الدائمة، لاننا نعيش في ازمنة روحية منذ مجئ المسيح على الارض قبل الفي سنة، ونعيش منذ ذلك الوقت في حالة ترقب لمجيئه الثاني العتيد. لذا لزام علينا ان نرفع مستوى حياتنا الزوجية والفكرية والعملية الى مستوى روحي يقربنا من الله، فلا يوجد في الزواج شيخوخة او يأس، لان الزواج ثمرة للحياة الداخلية المباركة.