عظمة سر التقوى

عظمة سر التقوى

الشماس نجيب ننو

“عظيم هو سر التقوى، الله ظهر في الجسد” ( ا تي 3: 16 )

 

تتميز المسيحية عن باقي الاديان بعقيدة تجسد الله في الانسان وهذه العقيدة الجوهرية والخلاصية، تسمو على مجرد كونها صلة او حضور لله مع الانسان، بسبب كون التجسد مرتبط بالتدبير الالهي الذي بلغ كماله، في الفداء على الصليب، ومن ثم بالقيامة من الاموات وبلوغ حياة جديدة في الملكوت الأبدي.

 

ان اعظم ثمار سر التجسد هذا تكمن في نوالنا سلطاناً ان نكون ” اولاد الله” ( يو 1: 12 ) وهذا الامتياز الارضي الحالي، اعطي لنا تمييزاً عن “اولاد العالم” في سلوكنا وايماننا وطريقة حياتنا او نهايتنا على الأرض، فمع تأسيس المسيح للكنيسة في يوم الخمسين ” العنصرة” ، كٌشـِفَ مخلصنا علناً “السر المكتوم منذ الدهور في الله” (اف3: 9 )، لتصبح الكنيسة بناءا شامخاً للملكوت تمتد من الأرض الى أعماق السماء.

الرسول بولس يسمي هذا التجسد، سراً، لاننا لا نستطيع ان ندرك مكنونات هذا الاتحاد بين اللاهوت والناسوت، من جهة، وكون الله قبل التجسد كان غير منظوراً لخليقته ” لم يره أحد من الناس، ولا يقدر أن يراه” (ا تي 6: 16 )، من الجهة الاخرى، فقبل التجسد لم تكن للانسان معرفة بالله الا من خلال اعماله في الخليقة، ومع مجيء يسوع الى الارض، كشف لنا الانجيلي يوحنا في اصحاحه اللاهوتي الاول عندما قال ” الكلمة صار جسداً وحل بيننا و رأينا مجده مجدا” (يو1: 14)، ان الطبيعة الالهية قد صارت منظورة للبشر من خلال يسوع المسيح. وهذا ما نادى به اشعيا النبي اشعيا قبل سبعة قرون من المسيح عندما كشف لنا ان ” اسمه عمانوئيل” ( إش14:7) “ والذي تفسيره ان الله معنا” ( متى23:1)، ونصوص العهد الجديد مليئة بهذه الشهادة “الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رايناه بعيوننا الذي شاهدناه و لمسته ايدينا من جهة كلمة الحياة” ( 1 يو 1:1 ).

تجسدت الكلمة وصارت جسداً ليقودنا يسوع عبر جثسيماني وعن طريق الباب الضيق للصليب الى الملكوت السماوي بعد ان تم تحرير الانسان من عبودية الخطيئة.

حسب اعلان العهد القديم ” ان الله لا يراه احد ويعيش” ( خر 33: 20 ) وهذا ما اكده العهد الجديد ايضاً في يوحنا عندما قال ” الله لم يره احد قط” ( يو 1: 18 ) ولكن مع التجسد “راينا مجده مجدا” (يو1: 14 )، فيا للعجب، فقد تجسد اللامنتهي في عالم زمني منتهي. تجسد من لا يحده مكان، في مكان محدود في بيت لحم، فلولا التجسد لما نلنا التصالح مع الله بسبب عصيان الإنسان الاول وتكبده للخطيئة.