“بريخ خنانا” ايقونة مار باباي الكبير
“بريخ خنانا” ايقونة مار باباي الكبير
الشماس سامي القس شمعون
ترك لاهوتيو كنيسة المشرق العظام وقديسوها تراثا عظيما لنا وللاجيال القادمة، من خلال كتابات روحية وفكرية أخذت موقعها المؤثر في الكتب الطقسية، ولتشدو بها الكنيسة في كل زمان ومكان، ولتصبح محورا لحياتها المسيحية. دخل الكلمة الى العالم بطريقة عجيبة من خلال التجسد والولادة من مريم العذراء من اجل رؤية امجاد ” صورة الله غير المنظور، بكر كل خليقة” ( كول 1: 15 )، و من خلال ابعاد فعل تجسد “إله الدهر خالق أطراف الأرض ” (اش 40 :28)، ادركنا صورة الانسان الحقيقية، بعد ان ظهرت دلائل بشرية والهية في شخص يسوع المسيح.
يسوع المسيح كان عظماً من عظامنا، ولحماً من لحمنا نحن البشر. كان طفلاً ضمن العائلة البشرية، ينمو ويتقدم “في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس ” ( لو 2: 52) لتحقيق الوعد المعطى لأبينا ابراهيم، بافتداء ابنائه. فمثلنا كان يركع ويصلي، (لو 6: 12 )، يعطش ( يو 19: 28 )، يجوع ( مت 4: 2 )، يبكي ( لو 19: 41 )، يحضر افراحا (يو 2 : 2 ) ينام مثلنا (مت8: 24 )، يتعب ( يو 4: 6 )، يحزن (مت 26: 37 )، يتألم (اش 53: 5)، واخيراً يصلب ويموت (مت 27: 50)، فهو بهذا انسان مثلنا، يشبهنا، في كل شيء ما عدا الخطيئة.
الا ان هذا الذي صلب قد قام، وبطبيعته الإلهية يدرك ما يدور في خُلدنا وخلد الاخرين. فهو ان كان مثلنا “من نسل المرأة” الا انه جاء ليسحق رأس الحية (تك 3: 15)، ويعلن بتجسده، قمة محبة الله للبشر من خلال مخطط لخلاص البشر واعادة صورته الممجدة لكن المفقودة لدى البشر.
المسيح، اذن هو الكلمة (يو 1 : 1 – 4 )، الاله المبارك إلى الابد (رو 9: 5 )، هو الله معنا (مت 1:23 )، إلـهنا (يو 20: 28 )، الرب ( يو 14: 9 )، رب السبت ( مت 12: 8 )، رب المجد (1كو 2: 8 )، رب الارباب ( تث 10: 17 )، يجلس عن يمين الآب (مز 110 : 1 )، منح البصر للمولود أعمى (يو 1:7- 9 )، غصن الرب ( اش 4: 2)، غصن البر ( ار 33: 15 )، تظهر الصفات الالهية في رئاسته ( مي 5 : 1 – 5 )، وغيرها الكثير من الالقاب والأوصاف.
ان القول بيسوع المسيح انسان فقط، هو نصف الحقيقة، والقول ان اله فقط هو النصف الاخر للحقيقة. فاذن يسوع المسيح هو الله الذي ظهر في الجسد، وهذا هو سر التقوى العظيم (1 تي 3: 16 ). وايضاً هو قد عاش بيننا حياته البشرية الاعتيادية في بلدة الناصرة. يسوع المسيح هو الاله الكامل، والانسان الكامل، وهذا اللاهوت الذي يحمله، ليس ضد الناسوت، وان الاخير ليس ضد الاول ايضاً، وان مرَّت على صفحات التاريخ خلافات وانشقاقات حول فهم العلاقة بين هاتين الطبيعتين، او بين الأقانيم الالهية، فهي كانت نتيجة طبيعة البشر وقدرته على استيعاب وفهم هذه العلاقة.
لذا قام آباء كنيسة المشرق بوضع مؤلفات ضخمة ومتنوعة صارت دعامة أساسية في الكتب الطقسية، لتصبح ترسانة روحية وفكرية عظيمة لايمان الكنيسة. فعمل وجاهد كل فطحل من هؤلاء الاباء القديسين الذين وصلت اليهم دفة قيادتها، للتأثير في مسارها واعطائها زخماً روحياً وتراثياً مخلداً عبر الزمان. كانت نقطة انطلاق آباء الكنيسة هي يسوع المسيح لانه لم يكن انساناً فقط، بل إلها ايضاَ. وانصبت اجتهاداتهم بطرق كل سبيل لمعرفة الله عن طريق يسوع المسيح، فكتاب الخوذرا مثلاً، من الكتب الاساسية للسنة الطقسية ويعتبر في اللحظة نفسها كنزاً لاهوتياً يحوي اضافة إلى الصلوات، تعابير لتوضيح المقاصد الالهية ولفهم اسرارها، والحفاظ على استقامة ايمان الكنيسة.
مار باباي الكبير
واحد من كبار رجالات اللاهوت في كنيسة المشرق هو مار باباي الكبير (551- 628م). إنه أحد أهم من تعرض الى اللاهوت في اسهاماته الكبيرة في القرنين السادس والسابع، فقد وضع ركائز هذا اللاهوت وبلور مفهوم المسيحانيةChristology بصيغة سلسة ومفهومة لعامة الناس.
درس مار باباي الكبير في مدرسة نصيبين وتلقى فيها علومه الدينية والفلسفية قبل ان يصبح راهباً في الدير الذي اسسه ابراهيم الكشكري عام 571م، ثم انتخب رئيساً لهذا الدير. وبعد وفاة البطريرك مار غريغوريوس الاول عام 609م، عين بمنصب نائباً عاماً على اديرة كنيسة المشرق للاعوام من 611 الى وفاته، حيث شهدت فترته ازدهاراً للاديرة والمكرسين فيها.
ترك لنا مار باباي الكبير اربعة وثمانين مجلداً لعل اهمها كتاب الاتحاد والذي فيه يتحدث عن لاهوت المسيح بنهج فلسفي منطقي، حيث يعتبر ان الكتاب المقدس هو القاعدة الرئيسية لدراسة اللاهوت الذي يعده سراً يتعدى ادراك الناس ويتطلب فهمه تقصي آثار علاقة الله مع الانسان ومعرفة يسوع المسيح في الاناجيل.
ومن مؤلفات مار باباي الكبير والتي اخذت مكانها في كتاب الخوذرا مثلاً، ترتيلة بريخ خنانا “تبارك الحنّان” والتي تتلى في احد البشارة والميلاد ” الخوذرا الجزء الاول؟؟ ص 7777″، حيث يسلط مار باباي الكبير الضوء على الولادة العجيبة ليسوع المسيح التي حدثت في فترة نورانية ممجدة من تأريخ البشر، كتحفيز للتـَيـَقــُّظْ والسهر من قبل المؤمنين لاستقبال ” سر التقوى” (1 تي 3: 16 ) طيلة ايام حياتهم. ويشرح مار باباي ايضاً العلاقة المميزة بين الاقانيم الالهية ويقدم ايمان كنيسة المشرق ومعتقدها بهذا الخصوص، حيث يشدد على العلاقة المتكاملة بين اللاهوت والناسوت. ولا تخلو هذه الترتيلة من عناصر تأملية في التدبير الالهي وهي دعوة الى رفع المؤمن الى مراتب روحية سامية، تمهيداً لتذوقه العقلي في حضن اللاهوت، ولا تخلو هذه الترتيلة من شرح عقائدي للعلاقة بين أقنومي المسيح الانساني واللاهوتي.
“تبارك الحنان الذي بنعمته، دبّر حياتنا بالنبوءة * بعين الروح رأى اشعيا، ابن العذراء العجيب * من دون زواج أنجبت مريم، عمانوئيل ابن الله * منها جبل له الروح القدس، جسداً مسجودا كما هو مكتوب * ليكون مسكناً وهيكلاً مسجود له، مع شعاع الآب في بنوّة واحدة * مع بداية الحبل به العجيب، وحّدَه معه بكل وقار[1]* ليتم من خلاله كل ما له “تدبيره”، لخلاص الكل كما يشاء* في يوم بشارته (او ولادته) سبحت له الملائكة، بتهاليلهم في السماء العليا* وكذلك قدم الارضيون السجود، بقرابينهم بكل وقار* واحد هو المسيح ابن الله، يسجد له الجميع في طبيعتيه * وُلد بألوهيته (بلاهوته) من الآب، منذ الأزل وقبل الازمنة* ووُلد بناسوته من مريم، في ملء الازمنة في وحدة الجسد* فلا لاهوته من كيان(طبيعة) الأم، ولا ناسوته من كيان (طبيعة) الآب* محفوظة الطبيعتين في ذاتيهما، بشخص واحد وبنوة واحدة* اينما تكون يكمن اللاهوت، ثلاثة اقانيم في جوهر”كيان” واحد* هكذا هي بنّوة الابن، بطبيعتين شخص واحد* هكذا تعلمت الكنيسة المقدسة، الاعتراف بالابن الذي هو المسيح* نسجد يا رب للاهوتك، ولناسوتك بلا انقسام* واحد هو القوة ربوبية واحدة، مشيئة واحدة ومجد واحد* للاب والابن والروح القدس، إلى ابد الابدين آمين وآمين.
ܬܸܫܒܘܿܚܬܵܐ. ܕܡܸܬ̣ܐܲܡܪܵܐ ܥܕܲܡܵܐ ܠܕܸܢܚܵܐ.
ܒܪܝܼܟ݂ ܚܲܢܵܢܵܐ ܕܲܒ݂ܛܲܝܒܘܼܬܹܗ. ܦܲܪܢܸܣ ܚܲܝܲܝ̈ܢ ܒܲܢܒ݂ܝܼܘܼܬ̣ܵܐ ܀ ܒܥܲܝܢܵܐ ܕܪܘܼܚܵܐ ܚܙܵܐ ܐܹܫܲܥܝܵܐ. ܠܝܲܠܕܵܐ ܬܡܝܼܗܵܐ ܕܲܒ݂ܬ̣ܘܼܠܘܼܬ̣ܵܐ ܀ ܕܠܵܐ ܙܘܼܘܵܓ݂ܵܐ ܝܸܠܕܲܬ̤ ܡܲܪܝܲܡ. ܠܥܲܡܲܢܘܼܐܹܝܠ ܒܪܵܐ ܕܐܲܠܵܗܵܐ ܀ ܕܡܸܢܵܗ̇ ܓܲܒ݂ܠܹܗ ܪܘܼܚܵܐ ܕܩܘܼܕ݂ܫܵܐ. ܠܦܲܓ݂ܪܹܗ ܡܚܲܝܕܵܐ ܐܲܟ݂ܡܵܐ ܕܲܟ݂ܬܢܒ݂ ܀ ܕܢܸܗܘܸܐ ܥܘܼܡܪܵܐ ܘܗܲܝܟ̇ܠܵܐ ܣܓ݂ܝܼܕܵܐ. ܠܨܸܡܚܹܗ ܕܐܲܒ݂ܵܐ ܒܲܚܕܵܐ ܒܪܘܼܬ̣ܵܐ ܀ ܘܥܲܡ ܫܘܼܪܵܝܵܐ ܕܒܲܛܢܹܗ ܬܗܝܼܪܵܐ. ܚܲܝܕܹܗ ܥܲܡܹܗ ܒܚܲܕ݂ ܐܝܼܩܵܪܵܐ ܀ ܕܲܢܡܲܠܹܐ ܒܹܗ ܟܠܗܹܝܢ ܕܝܼܠܹܗ. ܠܦܘܼܪܩܵܢ ܓܵܘܵܐ ܐܲܝܟ݂ ܕܲܫ̣ܦܲܪ ܠܹܗ ܀ ܒܝܘܿܡ ܣܘܼܒܵܪܹܗ (ܐܵܘ ܡܵܘܠܵܕܹܗ) ܫܲܒ̇ܚܘܼܗܝ ܥܝܼܪܹ̈ܐ. ܒܗܘܼܠܵܠܲܝ̈ܗܘܿܢ ܒܪܵܘܡܵܐ ܕܲܠܥܸܠ ܀ ܘܐܵܦ ܐܲܪ̈ܥܵܢܹܐ ܩܲܪܸܒ݂ܘ ܣܸܓ݂ܕܬ̣ܵܐ. ܒܩܘܼܪܒܵܢܲܝܗܘܿܢ ܒܚܲܕ݂ ܐܝܼܩܵܪܵܐ ܀ ܚܲܕ݂ ܗ݇ܘܼ ܡܫܝܼܚܵܐ ܒܪܵܐ ܕܐܲܠܵܗܵܐ. ܣܓ݂ܝܼܕ ܡ̣ܢ ܟܠܵܐ ܒܲܬ̣ܪܹܝܢ ܟܝܵܢ̈ܝܼܢ ܀ ܕܒܲܐܠܵܗܘܼܬܹܗ ܝܠܝܼܕ݂ ܡ̣ܢ ܐܲܒ݂ܵܐ. ܕܠܵܐ ܫܘܼܪܵܝܵܐ ܠܥܸܠ ܡ̣ܢ ܙܲܒ݂ܢܹ̈ܐ ܀ ܘܲܒ݂ܐ݇ܢܵܫܘܼܬܹܗ ܝܠܝܼܕ݂ ܡ̣ܢ ܡܲܪܝܲܡ. ܒܫܘܼܠܵܡ ܙܲܒ݂ܢܹ̈ܐ ܒܦܲܓ݂ܪܵܐ ܡܚܲܝܕ݂ܵܐ ܀ ܠܵܐ ܐܲܠܵܗܘܼܬܹܗ ܡ̣ܢ ܟܝܵܢ ܐܸܡܵܐ. ܘܠܵܐ ܐ݇ܢܵܫܘܼܬܹܗ ܡ̣ܢ ܟܝܵܢ ܐܲܒ݂ܵܐ ܀ ܢܛܝܼܪܝܼܢ ܟܝܵܢܹ̈ܐ ܒܲܩܢܘܿܡܲܝ̈ܗܘܿܢ. ܒܚܲܕ݂ ܦܲܪܨܘܿܦܵܐ ܕܲܚܕ݂ܵܐ ܒܪܘܼܬ̣ܵܐ ܀ ܘܐܲܝܟܲܢ ܕܐܝܼܬܹܝܗ̇ ܐܲܠܵܗܘܼܬ̣ܵܐ. ܬܠܵܬ̣ܵܐ ܩܢܘܿܡܹ̈ܐ ܚܕ݂ܵܐ ܐܝܼܬ̣ܘܼܬ̣ܵܐ ܀ ܗܵܟܲܢ ܐܝܬܹܝܗ̇ ܒܪܘܼܬܹܗ ܕܲܒ݂ܪܵܐ. ܒܲܬ̣ܪܹܝܢ ܟܝܵܢ̈ܝܼܢ ܚܲܕ݂ ܦܲܪܨܘܿܦܵܐ ܀ ܗܵܟܲܢ ܝܸܠܦܲܬ̤ ܥܹܕܲܬ̣ ܩܘܼܕ݂ܫܵܐ. ܕܬ̣ܵܘܕܸܐ ܒܲܒ݂ܪܵܐ ܕܗܘ̤ܝܘܼ ܡܫܝܼܚܵܐ ܀ ܣܵܓ݂ܕܝܼܢܲܢ ܡܵܪܝ ܠܐܲܠܵܗܘܼܬ̣ܵܟ݂. ܘܲܠܐ݇ܢܵܫܘܼܬ̣ܵܟ݂ ܕܠܵܐ ܦܘܼܠܵܓ݂ܵܐ ܀ ܬܢܝܼ: ܓ: ܙܲܒ݂ܢ̈ܝܼܢ. ܚܲܕ݂ ܗ݇ܘܼ ܚܲܝܠܵܐ ܚܕ݂ܵܐ ܡܵܪܘܼܬ̣ܵܐ. ܚܲܕ݂ ܨܸܒ݂ܝܵܢܵܐ ܚܕ݂ܵܐ ܬܸܫܒܘܿܚܬܵܐ ܀ ܠܐܲܒ݂ܵܐ ܘܲܒ݂ܪܵܐ ܘܪܘܼܚܵܐ ܕܩܘܼܕ݂ܫܵܐ. ܠܥܵܠܲܡ ܥܵܠܡܝܼܢ ܐܵܡܹܝܢ ܘܐܵܡܹܝܢ ܀