الاعلان المسيحاني المشترك بين الكنيسة الكاثوليكية وكنيسة المشرق الآشورية

الاعلان المسيحاني المشترك بين الكنيسة الكاثوليكية وكنيسة المشرق الآشورية

يتقدم قداسة البابا مار يوحنا بولس الثاني، أسقف روما وبابا الكنيسة الكاثوليكية وقداسة مار دنخا الرابع، الجاثاليق – البطريرك لكنيسة المشرق الآشورية بالشكر لله الذي حثــَّهم على هذا اللقاء الأخوي الجديد.

إن كلاهما يعتبر هذا اللقاء خطوة أساسية على الطريق نحو استرداد الشركة الكاملة بين كنيستيهما. ويستطيعان حقاً، من الآن فصاعدًا أن يناديا معا أمام العالم بإيمانهما المشترك بسر التجسد.

نحن نعترف، كورثة وحماة للإيمان الذي تلقيناه من الرسل كما تمت صياغته من قِبل آبائنا المشتركين في القانون النيقاوي، برب واحد يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، والذي نزل في ملء الزمان من السماء وصار إنساناً من أجل خلاصنا. كلمة الله، الشخص الثاني في الثالوث القدوس، تجسد بقدرة الروح القدس بإتخاذه جسدًا من مريم العذراء بُعِثَت فيه روح عاقلة، أتحد معها بلا إنحلال منذ لحظة تكونه.

لذا فإن ربنا يسوع المسيح هو إله حق وإنسان حق، تام في الوهته وتام في ناسوته، متساوٍ في الجوهر مع الآب ومتساوٍ في الجوهر معنا بكل الأشياء ما عدا الخطيئة. ألوهته وناسوته متحدان بشخص واحد، دون اختلاط أو تغيير، دون انقسام، او انفصال. فبه تم الحفاظ على اختلاف طبيعتيَ، الألوهة، والناسوت، بكل خصائصهما، قدراتهما وعملهما.

ولكن بعيدًا عن تشكيل ( واحدٍ وآخر )، فالألوهة والناسوت متحدان في شخص ابن الله الرب يسوع المسيح الفريد الذي لا يتغيّر، والذي هو محط تقديس وحداني.

لذا فالمسيح ليس ” إنسانًا عاديًا “ تبناه الله ليقيم فيه ويلهمه، كما هو الحال في الصالحين والأنبياء. لكنه الله الكلمة الذي لا يتغيّر، المولود من أبيه قبل كل العالم بلا بداية بحسب ألوهته، ولد من أم بلا أب في آخر الزمان بحسب ناسوته. إن الناسوت الذي ولدته العذراء مريم كان أبدًا ناسوت ابن الله نفسه. ولهذا السبب تتوجه كنيسة المشرق الآشورية بصلاة مريم العذراء على انها ” والدة المسيح إلهنا ومخلصنا “. في ضوء نفس الإيمان هذا يتوجه التقليد الكاثوليكي إلى مريم العذراء على أنها ” والدة الله “ وكذلك ” والدة المسيح “. اننا نعترف كلانا بشرعية وصحة هذين التعبيرين لنفس الإيمان، ونحترم كلانا تفضيل كل كنيسة لتعبير على الآخر في حياتها الليتورجية وعبادتها.

هذا هو الإيمان الأوحد الذي نعترف به بسر المسيح. لقد ادى جدل الماضي إلى الحرومات Anathemas ، التي وقعت على الأشخاص والصيغ. إن روح الرب تسمح لنا بأن نفهم بشكل أفضل اليوم بأن الإنقسامات التي جاءت على هذا النحو كانت غلى حدٍ كبير بسبب سوء التفاهم.

أيّاً كان إختلافنا المسيحاني، فنحن نختبر أنفسنا متحدين اليوم في الاعتراف بنفس الإيمان بإبن الله الذي صار إنسانًا بحيث نكون أبناء الله بنعمته. نأمل من الآن فصاعدًا أن نشهد معًا لهذا الإيمان بالواحد الذي هو الطريق، والحق، والحياة، منادين به بطرق مناسبة إلى مَن يعاصرنا بحيث يؤمن العالم بإنجيل الخلاص.

إن سر التجسد الذي نشترك في الإعتراف به ليس حقيقة مُجرّدة مُنعزلة. انه يُشير الى ابن الله الذي أُرسِل ليُخلصنا.

يكتمل تدبير الخلاص، الذي يعود مصدره إلى سر شركة الثالوث القدوس – الآب والابن والروح القدس – من خلال المشاركة في هذه الشركة، بالنعمة، ضمن الكنيسة الواحدة المُقدّسة الجامعة الرسولية التي هي شعب الله، جسد المسيح وهيكل الروح.

يصبح المؤمنون أعضاء في هذا الجسد من خلال سر العماد المقدس، الذي يولدون ثانيةً من خلاله، بالماء وبعمل الروح القدس، مخلوقات جديدة. يثبتون بخاتم الروح القدس الذي يمنح سر المسوح المقدس، إن شركتهم مع الله ومع انفسهم تتحقق كاملةً بالاحتفال بتقدمة المسيح الفريدة في سر القربان المُقدس. تُعاد هذه الشركة للخطأة الأعضاء في الكنيسة عندما يتصالحون مع الله ومع بعضهم البعض من خلال سر الغفران. ويؤكد سر سيامة الكهنوت في الخلافة الرسولية صدق الإيمان، والأسرار والشركة في كل كنيسة محلّية.

ينجم عن العيش في هذا الإيمان وهذه الأسرار، ان البعض من الكنائس الكاثوليكية والبعض من الكنائش الآشورية يمكنها أن تعترف الواحدة بالأخرى على أنها كنائس شقيقة. تفترض الشركة مُسبقًا، حتى تكون كاملة وكُليّة، الاجماع فيما يتعلق بمضمون الإيمان، الأسرار ودستور الكنيسة. بما أن هذا الإجماع الذي نهدف إليه لم يتم التوصل إليه بعد، فلا يمكننا لسوء الحظ أن نحتفل معًا بالقربان المُقدس الذي هو علامة الشركة الكنائسيّة التي تمت استعادتها كاملة.

ومع ذلك، فإن الشركة الروحية العميقة في الإيمان والثقة المُتبادلة الموجودة بين كنائسنا تخولنا من الآن فصاعدًا أن نقوم بالشهادة معًا لرسالة الإنجيل وبالتعاون في حالات رعوية معينة، بما فيها نواحي التعليم بشكل خاص وإيجاد كهنة مُستقبليين.

نعاهد انفسنا ونحن نشكر الله الذي جعلنا نكتشف من جديد ما يوَحّدنا في الإيمان والأسرار، على ان نقوم بكل ما يمكن القيام به لإزالة عقبات الماضي التي ما زالت تمنعنا من الحصول على الشركة الكاملة بين كنائسنا، بحيث نستطيع أن نستجيب بشكل افضل لدعوة الرب من أجل الوحدة التي هي ملكه، وحدة يتعيّن التعبير عنها بشكل مرئي، للتغلب على هذه العقبات. نؤسس الآن لجنة مُختلطة للحوار اللاهوتي بين الكنيسة الكاثوليكية وكنيسة المشرق الآشورية.

ألقيت في ..

كنيسة القديس بطرس

في

11 \ تشرين الثاني \ 1994

+ الجاثاليق مار دنخا الرابع                              + يوحنا بولس الثاني